للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى «جاهد» أنه جادٌّ في الخير. وفعله: جَهَد يَجْهَد كمنع يمنع.

* * *

ووقع فيه قول أبي قِلابة [٨: ٤٤، ٧]:

(فتكلَّمَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بكلمةٍ لو تكلَّم بها بعضكم لعبتموها عليه، قولهُ: «سوقَكَ بالقواريرِ»).

أراد أبو قلابة أن أهل العراق قد ضعفت ملكة اللسان فيهم وصاروا لبعدهم عن استعمال العرب وبلاغتهم يستثقلون الأفانين الكلامية لعسر فهمها عليهم، والنوادر المروية في ازدراء أهل العراق بالنحاة وقواعد النحو كثيرة في كتب الأدب. وهذا نظير ما يتشدِّق به بعض المتطفَّلين على صناعة الإنشاء في تونس في هذا العصر من ذمهم السجع، وإنحائهم على الأدب القديم، وعدِّهم ذلك عيباً.

«والذنب للعين لا للنجم في الصِّغر».

* * *

[باب قول الرجل: ويلك]

فيه قول أنس [٨: ٤٨، ١٥]:

(فمرَّ غلامٌ للمغيرة وكان من أقراني فقال: «إن أخِّر هذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة»).

سلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأن توقيت الساعة مع السائلين عنها مسلك الأسلوب الحكيم الرمزي ليجدوا في العمل الصالح ولا يتكلوا على طول المدة؛ فأراد بالساعة في أجوبتهم منتهى عمر أحدهم أو منتهى الجيل الذي هو فيه. فقوله في شأن هذا الغلام قد كان ذلك بوحي: أن ذلك الغلام يعمَّر؛ لأن مجرد كونه أحدثهم سنّاً لا يكفي في صدق الخبر الصادق، فلا بد مع ذلك من كونه مقدراً طول عمره، وإنما اختار أحدثهم سنّاً ليكون العمر تامّاً، فتستوعب مدته مُدَته أعمار أهل جيله باعتبار أطولهم عُمُراً، ويُعلم منه أنه لا يكون أترابه أطول منه عُمُراً.

* * *

<<  <   >  >>