وقع فيه خبر ابن عمر - رضي الله عنهم - من حديث [٥: ١٤٠، ١٩]:
(معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر)، وحديث:(ابن طاووس عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر قال: دخلت على حفصة ونسواتها تنطف، قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين فلم يجعل لي من الأمر شيء فقالت: الحق فإنهم ينتظرونك وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة. فلم تدعه حتى ذهب فلما تفرق الناس خطب معاوية قال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه فلنحن أحق به منه ومن أبيه. قال حبيب بن مسلمة: فهلا أجبته؟ قال عبد الله: فحللت حبوتي وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع وتسفك الدم ويحمل عني غير ذلك فذكرت ما أعد الله في الجنان. قال حبيب: حفظت وعصمت).
حمل ابن حجر والعيني والقسطلاني قول عبد الله بن عمر لحفصة:«قد كان من أمر الناس ما ترين»، على أنه عنى ما وقع يوم التحكيم في صفين، وأن أهل قتال صفين راسلوا بقايا الصحابة من الحرمين وغيرهما، وتواعدوا على الاجتماع لينظروا في التحكيم، فشاور ابن عمر أخته حفصة في الذهاب، وذكروا أن ابن عمر كان حاضرًا في صفين يوم التحكيم.
وظاهر كلامهم أن حفصة كانت ساعتئذ في المدينة إذ لو كانت في صفين لذكروا ذلك، على أنه من البعيد جدًا أن تحضر إحدى أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهن كن عاتبن عائشة - رضي الله عنه - على الخروج إلى البصرة يوم الجمل.
وهذا مشكل فإن قول ابن عمر:«ما ترين» ظاهر في أنه عنى حدثًا شاهدته حفصة، وقولها:«فالحق بهم فإنهم ينتظرونك» واضح في أنها أرادت لحاقًا بمكان قريب، وأنها علمت أنهم استبطؤوا حضوره.
وقول الراوي:«فلم تدعه حتى ذهب» أوضح في أنه ذهاب إلى مكان قريب، وأنه ذهاب غير سفر؛ إذ لم يقل: حتى ارتحل، ولم يذكر أنه تجهز لذلك، فإن صفين بعيد جدًا عن المدينة.