(قالت: دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان تقاولت الأنصار يوم بعاث، قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك في يوم عيد- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يا أبا بكر إن لكل قوم عيد وهذا عيدنا»
كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج على طريق الكناية؛ إذ كان أبو بكر يعلم أنه يوم عيد، فالمقصود لازم ذلك في العرف، وهو أن لكل قوم في عيدهم فرحًا ومسرة وشيئًا من اللَّهو. فقوله:«وَهَذَا عِيدُنَا» إعلام بالرخصة في غناء الجاريتين، لأجل كون اليوم يوم عيد.
وفيه إيماء إلى علة الترخيص، وهو أن من جملة المقاصد في جعل العيد إِجْمَامَ النفوس وارتياحها.
* * *
[باب فضل العمل في أيام التشريق]
[٢: ٢٤، ٢٠]: (عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«ما العمل في أيام أفضل منها في هذه العشر»، قالوا: ولا الجهاد؟ قال:«ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وما له فلم يرجع بشيء»).
قوله:«فلم يرجع بشيء»، أي بشيء من نفسه وماله، أي قتل وأخذ سَلَبُه. وهو إيماء إلى فضل الشهادة.
أثبت صدر الكلام أن جميع الأعمال في أيام العشر من ذي الحجة تقع أفضل منها لو وقعت في غير تلك الأيام، وأن الأعمال في غير تلك الأيام ما بلغت لا تكون أفضل من نوعها في هذا العشر.