للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما وضحه الحديث الذي رواه عقبه.

وأشار البخاري إلى أن أحمد الضبي وهم فيه بقوله [٥: ١٩٦، ٦]:

«وقال بعضهم: حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر» ثم بقوله: (ورواه جرير بن حازم ... ) إلخ.

قول البخاري [٥: ١٩٦، ٢٠]: (قال الليث: حدثني يحيى ... ) إلخ.

جعله هنا تعليقًا ولم يروه عن الليث. فلعله أخذه من كتب الليث بن سعد، ورواه المؤلف عن الليث في كتاب الأحكام [٩: ٨٦: ١٦] عن قتيبة عن الليث مختصرًا؛ فلذلك ذكر هذه الرواية المطولة هنا تعليقًا.

* * *

[باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي]

فيه حديث علي - رضي الله عنه -[٥: ٢٠٣، ٢٠]:

(بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فاستعمل عليها رجلاً من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب. فقال: أليس أمركم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تطيعوني؟ قالوا: بلى. قال: فاجمعوا لي خطبًا، فجمعوا، فقال: أوقدوا نارًا، فأوقدوها. فقال: ادخلوها، فهموا، وجعل بعضهم يمسك بعضًا ويقولون: فررنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من النار.

فما زالوا حتى خمدت النار فسكن غضبه، فبلغ النبي فقال: «لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة إنما الطاعة في المعروف»).

قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة». أي لنقل الله أرواحهم من عذاب تلك النار إلى نار جهنم يعذبون فيها إلى يوم القيامة، عقوبة لهم على إلقائهم بأنفسهم في النار أحياء لأمر رجل خالف في أمره الشريعة الناهية عن إتلاف النفس في غير سبيل الله؛ إذ لا عذر لهم بقصد طاعة الأمير، لظهور أن الطاعة التي أمروا بها له إنما هي فيما أمر عليه من مصالح مأموريه، لا في إرضاء ثائرة غضبه. فهو لما أراد استعمال أمر رسول الله الناس بطاعته في قضاء غرض غير شرعي كان معتديًا وظالمًا، وهم لو أطاعوه لكانوا قد نفذوا ظلمه واعتداءه، فكانوا مشاركين له.

ولكون هذا المقصد واضحًا قريبًا من المدرك بالبداهة لا يتردد في فهمه أهل

<<  <   >  >>