وقوله:«ومن كره لقاء الله» مقابل قوله: «من أحب لقاء الله» وقوله فيهما: «أحب الله لقاءه وكره الله لقاءه» كنَّى بمحبة الله لقاء المؤمن عن كرامته عند الله؛ لأن الإكرام من لوازم لقاء الحبيب، وكنَّى بكراهة الله لقاء الكافر عن حرمانه من الكرامة؛ لأن الحرمان والإعراض من لوازم لقاء المرء المكروه.
وما بيَّنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة أشار إلى محبة المؤمن لقاء الله تستمر حتى يختم له برؤية مقعده من الجنة، فيكمل بذلك له ما كان ناقصًا من محبة لقاء الله، وهو ما كان يخالطه من كراهة الحيِّ الموت، بحيث تكون خاتمته محبة خالصة للقاء، وبعكس ذلك حال الكافر والمنافق، فإن الكراهة التي عاش عليها تزداد في خاتمة عمره فتنتقل من كراهة اللقاء عن تخوف وتوقع وعن تمحض التعلق بالحياة إلى كراهية أشد تَنشأ عن مشاهدة أهوال ما أُعِدَّ له، فتكون خاتمته كراهة محضة.
[باب كيف الحشر؟]
فيه حديث عبد الله بن مسعود [١٣٧: ٨، ١]:
(كنَّا مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في قبَّةٍ فقال:«أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة ... ») إلخ.
الخطاب لأصحابه باعتبارين: باعتبار أنه يحدثهم، وباعتبار أنهم الأمة الإسلامية يومئذ، فقوله:«أترضون» خطاب لأصحابه، وقوله:«أن تكونوا»، أي أن يكون المسلمون بقرينة قوله بعد ذلك:«إن الجنة لا تدخلها إلا نفسٌ مُسلمة وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشَعْرَة البيضاء في جِلْد الثَوْر الأسْود».
باب قول الله تعالى:{إنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ}
وقع فيه قوله:[١٣٧: ٨، ١٦]:
«يقول: أخرج بعث النَّار قال: وما بعث النَّار؟ قال: من كلِّ ألفٍ تسع مائةٍ وتسعةً وتسعين».