عن المسور عند المصنف في «باب درع النبي - صلى الله عليه وسلم - من كتاب الجهاد»: أن رسول الله قال: «وإنَّي لست أحرَّم حلالاً ولا أحلُّ حراماً، ولكن والله لا تجتمع بنتُ رسول الله وبنت عدو الله أبداً» فإنه صريح في أن تزوج علي بابنة أبي جهل ليس محرَّماً؛ لأن النبي افتتح كلامه بقوله:«لستُ أحرِّم حلالاً»، أي ليس تزوج المسلم بابنة المشرك حراماً، ولا الجمع بين المرأة الفاضلة والمفضولة حراماً.
فالكلام تمهيد لما يجيء بعده من النهي عن تزويج علي ابنة أبي جهل.
وقوله:«ولكن» استدراك عما تضمنه ذلك الاحتراس مما يوهم الإذن لعلي في أن يتزوج زيجة مباحة شرعاً بالأصالة.
وقوله:«وَاللهِ لا تَجتْمِعُ بنتُ رسول الله وبنتُ عدو الله» نهي عن ذلك من وجه العارض الذي عرض لهذه الزيجة، وهو ما فيها من غيرة فاطمة - رضي الله عنه -؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن آل هشام بن المغيرة لا يزوجونها بدون إذن رسول الله، وأن عليّاً لا يتزوجها بدون إذن رسول الله، وأكد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امتناعه عن الإذن بالقَسَم.
والمقصد من ذلك هو تحقق غيرة فاطمة، وذريعة ذلك إلى أذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولأجل ها ترجم المصنف هذا الحديث بقوله:«ذب الرجل عن ابنته في الغيرة»، وقد دل على ذلك قوله في رواية حديث هذا الباب:«إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي».
* * *
[باب خروج النساء لحوائجهن]
فيه حديث عائشة - رضي الله عنه -[٧: ٤٩، ٤]:
(قالت: خرجت سودة بنتُ زمعة ليلاً فرآها عمرُ فعرفها، فقال: إنَّكِ واللهِ يا سودة ما تخفين علينا، فرجعت إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له وهو في حجرتي يتعشَّى، وإنَّ في يده لعرقاً فأنزل اللهُ عليه فرُفع عنه وهو يقول:«قد أذن اللهُ لكُنَّ أن تخرجن لحوائجكنَّ»).
الحوائج: جمع حاجة، وأصل معنى الحاجة في اللغة ما يحتاج إليه المرء من عمل أو أشياء، وأطلق بوجه الكناية على البراز، فقالوا: ذهب لقضاء الحاجة، وقالوا: حاجة الإنسان؛ وذلك تكنيّاً لاستقباح التصريح بالاسم الصريح.