ثم إنه اهتدى إلى صفات الله التي منها أنه يغفر الذنب، ثم اهتدى إلى معرفة الأعمال التي لا يرضى بها الله تعالى، فاستغفر من اقترافها؛ فلذلك كان أفضل أمته وجازاه الله على ذلك بالمغفرة، ثم بأن يعمل ما شاء، أي فكلما عمل ما يستحق أن يكون ذنبًا غفره الله له.
وفي هذا بيان لفضل الإيمان، وفضل النظر، وفضل الاستغفار وقد تحير شارحو الحديث في تأويله وقد كشف لك قناعه.
[باب كلام الرب تعالى يوم القيامة]
وقع فيه قوله [١٨١: ٩، ٤]:
(«فيقول له ذلك ثلاث مرَّاتٍ كلَّ ذلك يعيد عليه: الجنَّة ملأى»).
انتصب «كُل» على النيابة عن المفعول فيه، والإشارة بذلك إلى القول الذي تضمنه فعل «فيقول له ذلك» أي كل ذلك القول يعيد، أي في كل وقت لذلك القول يعيد عليه.
باب قوله:{وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}
وقع فيه حديث شق صدر النبي - صلى الله عليه وسلم - ففيه [١٨٢: ٩، ١٢]:
(«فأتي بطستٍ من ذهبٍ فيه تورٌ من ذهبٍ محشوًّا حكمةً وإيمانًا»).
وهذا تمثيل في الوحي فقد رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحس بهذه الحالة، وتلك حالة تطور في حواسه الباطنة ومهيئاتها لتستعد تلك الجوارح الباطنة للاتصال بالعالم الملكي، وتلقي الوحي الرباني، وإفاضة العلم والحكمة.
وتقريبه ما يحدث من التطور في الملامح والصفات عند الانتقال من طور الطفولة إلى طور الشباب حين تتمدَّد البشرة والعروق والأعضاء فيصير جميلًا ما كان منها غير جميل، ورشيقًا ما كان غير رشيق، وتامًّا ما كان ناقصًا.