والذي يظهر أنها «أوْلى» الذي هو أفعل تفضيل من الولي، وهي كلمة تقولها العرب في مقام التحذير وفي مقام التهويل، ومنه قوله تعالى: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥)}، فيكون مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - حين بدا من عمر الخوف أن ينبهه إلى أن المقام مقام حذر وخوف.
[باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم]
وقع فيه قوله [١١٩: ٩، ١٤]:
(لقوله تعالى: {يَا أَهْلَ الكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}).
بناءً على أن كل ما ذمه الله في أهل الكتاب كان محذرًا منه المسلمون أن يتلبسوا بمثله، نقل ذلك عن ابن عباس في غير هذه الآية.
باب ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحضَّ على اتفاق أهل العلم
وقع فيه [١٢٧: ٩، ٦]:
(وما أجمع عليه الحرمان مكَّة والمدينة).
اعلم أنه إذا فرض القول بحجية إجماع أهل بلد فإنما ينظر إلى ما لأهل ذلك البلد في عصر أو عصور من حرِّيَّة في العلم. والسنة تقتضي الاقتداء بإجماعهم على غيرهم وليس ذلك نظرًا إلى البلاد وما فيها من معالم مقدَّسة. وليس لأهل بلد من هذه المزية إلا لأهل المدينة في القرون الثلاثة الأولى قبل تغير حالة أهلها عن السيرة التي تركهم عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد كانت سيرتهم جارية على سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين وأهل العلم من الصحابة وكانوا ما بين صحابيِّ وأبناء الصحابة، فلا جرم أنهم أهلٌ لأن يتعرف من سيرتهم وهديهم بيان يُفزع إليه عند المشكلات في الدين.
وقد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المدينة بأنها تنفي خَبَثَها؛ وذلك يقتضي أن الله عصمها من أن يستقر فيها الباطل استقرارًا يصيره عادة وسنة.
ولذلك قال مالك بالاحتجاج بإجماع أهل المدينة فيما طريقه النقل وارتسام السنة،