(إنما أصنع كما رأيت أصحابي يصنعون ولا أمنع أحدًا أن يصلي في أي ساعةٍ شاء من ليل أو نهارٍ غير أن لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها).
أراد بما يصنع صلاته النافلة في وقت الضحى حين يقدم مكة، وحين يزور قُباء ضُحى السبت، فيصلي فيه تحية المسجد، وأنه لا يصلي النافلة وقت الضحى في غير هذين، فجاء بصيغة القصر للردِّ على الذين ينكرون عليه ترك نافلة الضُّحى؛ إذ كان الخلاف في سنة ذلك قد شاع بين السلف، لما روته أمٌ هانئ عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها يوم فتح مكة، وكان بعضهم يرى صلاتها وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يصليها، كما روي عن عائشة [٢: ٦٢، ١٩]، أنها قالت:«ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسبح سبحة الضحى وإني لأسبحها»، فأما عبد الله بن عمر فقد بين أنه لا يخالف التأسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فقوله:«كما رأيتُ أصْحابي يَصْنَعون» أراد به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي صَاحبي فهو من الإتيان باسم الجمع والمراد المفرد لقصد التعظيم.
وقوله عقبه:«ولا أمنَعُ أحدًا أن يصلي» إلخ، يريد أن النافلة مشروعة في كل وقت غير وقتي طلوع الشمس وغروبها. فهو يرى ترك صلاة الضحى تأسُيًا فيه النافلة، لكن على أن ذلك ليس من السنة.
وكلام ابن عمر هنا فَصْلٌ في كيفية الأخذ بالسنن والحث عليها دون نكير على من خالف ذلك في دائرة الإذن العام، وهذا قارع لأنوف الضعفاء من المنتسبين للعلم من دعوتهم في مخالفة السنة بمثل ما يدعو به أحد إلى تغيير المنكر.