وأما الاختلاف عن الأعمش في العدد، فيحمل على أن سفيان روى عنه عدة جميع من تلفظ بالإسلام، وأن أبا حمزة روى عنه عدد المقاتلة خاصة.
وقول حذيفة:«فلقد رأيتنا ابتلينا»، يعني بذلك مدة فتنة أهل مصر حين نزلوا بالمدينة ناقمين على عثمان - رضي الله عنه -، ففتنوا الناس، وأخافوا أهل المدينة، وتعطلت الجماعة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرات.
وقد فرض الشراح هنا احتمالات غير واضحة.
* * *
[باب ما ذكر من درع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعصاه .... إلخ]
فيه قول المِسوَر بن مَخْرَمَةَ لِعَلَيِّ بن حسين بن علي - رضي الله عنهم -[٤: ١٠١، ١٦]:
«فَهَلْ أَنْتَ مُعْطِي سَيْفُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكِ القَوْمُ عَلَيْهِ، وايم اللهُ لَئِنْ أعطيتنيه لَا يَخْلُصُ إِلَيْهِ أَبَدًا، حَتَّى تَبْلُغُ نَفْسِي أَنْ عَلَي بُنٍّ أَبِيٍّ طَالِبِ خُطَبِ اِبْنَةِ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ فَسَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخَطِّبُ النَّاسُ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ فَقَالَ: «إِنَّ فَاطِمَةَ بضْعةٌ مِنِّي وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا .... »» إلخ.
لعل هذا السيف مما تركه الخلفاء بيد فاطمة رضي الله عنها كما تركوا الكساء الذي توفي فيه - صلى الله عليه وسلم - بيد عائشة؛ لأن تركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تورث؛ ولكنها صدقة. فللخليفة أن يخصَّ بعضها لمن يرى أنه أولى بالاختصاص به اختصاص تمليك، بإذن الإمام للمصلحة لا بالإرث.
ولأجل اعتباره ملكاً موروثاً عن فاطمة رضي الله عنها قال حذيفة لعلي بن حسين:«هل أنت معطيَّ سيف رسول الله؟ »؛ لأنه يريد عطية تمليك بدليل قوله:«وايم اللهُ لَئِنْ أعطيتنيه لَا يَخْلُصُ إِلَيْهِ أَبَدًا».
وقوله:«فَإِنَّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكِ القَوْمُ عَلَيْهِ» أراد بني أمية، أي أن يلحوا عليك في هبته لهم، فيمنعك الحياء منهم، أو الخوف من حقدهم، من ردهم.
ويحتمل أنه أراد أن يغلبوك بدعوى أنه من حقوق الخليفة.