كذا ثبت في الرواية «وتسعين» بالياء على النصب، فيكون على تقدير البيان أو البدل من قوله:«بَعْثَ النار»، كأنه قال: أخرج بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، ويكون ما حكي من قول آدم:«وما بعث النَّار؟ » تلقينًا للمتكلم للبيان أو الإبدال؛ وذلك أغنى عن جواب سؤاله.
[باب الصراط]
وقع فيه حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[١٤٧: ٨، ٧]:
«وتبقى هذه الأمَّة فيها منافقوها فيأتيهم الله ... » إلخ.
ذكر فيه المنافقون، ولم يذكر في بقية الحديث أمر يخصهم ذكروا لأجله، ووقع قريب من هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري عند مسلم:«حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بَرٍّ أو فاجر أتاهم رب العالمين في أدنى صورة ... » إلخ.
فإذا كان الحديثان حكاية كلام واحد أو كانا حكاية كلامين، فلعل حديث أبي هريرة وقع فيه اختصار من أحد رواته فيما يخص المنافقين من الأحوال، أو لعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعرض عن ذكر أحوالهم؛ لأن الغرض من الكلام بيان ثبات المؤمنين على معرفة الله تعالى.
وإنما ذكر المنافقون في أثناء الكلام للإشارة إلى مزية الإسلام أن أهله مُبَرَّءون من عبادة الأصنام سواء في ذلك مؤمنوهم الحق ومنافقوهم؛ لأن حالة المنافقين كانت حالة رفض لعبادة الأصنام وتردد في الإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، لاسيما وكثير منهم قد كان من أهل دين اليهودية أو شديد المخالطة لليهود. ويكون قوله:«فيأتيهم الله» خاصًّا بالمؤمنين؛ لأنهم المسوق لأجلهم الكلام، فيكون قوله «فيها منافقوها» جملة معترضة في الكلام، كما يدل عليه حديث أبي سعيد الخدري إذ وقع فيه:«حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بَرٍّ أو فاجر» أي من صالحين وعصاة. ويؤخذ حال المنافقين من عَرض الكلام وأواخره؛ إذ قال فيه:«فيعرفونهم بعلامة آثار السجود»، فتأمله فإنه لم يشرحه أهل التأويل بما يشفي الغليل.