كذا وقع في الرواية «أم هي» بضمير الرفع مع أن المعطوف عليه بـ (أمْ) ضمير نصب.
والوجه فيه أن الضمائر المنصوبة المنفصلة ثقيلة لتركبها من كلمتين؛ فلذلك عدل عن تكرير ضمير النصب المنفصل إلى ضمير الرفع، وقد وقع قريب من هذا في قول مالك في الموطأ:«أو شاة إن لم يجد إلا هي»، وقد بينته في كشف المغطي في من نذر مشيًا إلى مكة من كتاب النذور.
[باب تغير الزمان حتى تعبد الأوثان]
فيه حديث أبي هريرة [٧٣: ٩، ٦]:
(أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا تقوم السَّاعة حتَّى تضطرب أليات نساء دوسٍ على ذي الخلصة»).
تكرر هذا الحديث في الصحيح وهو مشكل؛ فإما أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله قبل فتح بلاد دوس وهدم ذي الخَلَصَة على يد جابر بن عبد الله فيكون وعدًا بأن الله يفتح بلاد دوس ويمحو ذا الخلصة، ويكون المراد باضطراب ألْيات نساء دوس الكناية على تفجعهن على الصنم حين يجيء المسلمون لهدمه، فتكون كالكناية في قول عنترة:
متى ما تلقني فردين ترجف ... روانف أليتيك وتستطارا
وإما أن يكون صدور هذا القول بعد هدم ذي الخلَصة، فيكون إنذارًا بردَّة دَوْس، وأن نساءهم يرجعن إلى زيارة موضع ذي الخلَصَة؛ لأن نفس الصنم وبيته قد هُدِمَا في وقت الفتح.
وعلى هذين الوجهين فذكر قيام الساعة إبهام للوقت؛ لأن المقصود التبشير أو التحذير من الفعل لا تحديد الوقت.
ويحتمل أن الكلام خرج مخرج الوعيد للنساء اللائي ذَهَبْن في زمن الشرك، وأنه وقع فيه وهَم للراوي نشأ من اختصاره، والمعنى: لا تقوم الساعة حتى يعجِّل الله العذابَ لنساء الشرك باحتراق أليَاتِهِنَّ على حجارة الأصنام في نار جهنم؛ فيكون