وقع في حديث عائشة - رضي الله عنه - قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[٤: ١٣٩، ٢٠]:
وقع في حديث عائشة «فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل - عليه السلام - فناداني فقال: إنَّ الله قد سمع قول قومك لك وما ردُّوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلَّم عليَّ، ثم قال: يا محمَّد، فقال: ذلك فيما شئت»).
روي:«فقال: ذلك فيما شئت». فعلى هذه الرواية يكون «ذلك» إشارة إلى ما تضمنه قول جبريل، أي ذلك الأمر، أي أمرك ينفذ فيما شئت من غير تحديد بالغًا ما بلغ، فيكون اسم الإشارة مبتدأ، وقوله:«فيما شئت» خبره.
وروي:«فقال: ذلك فما شئت» فيكون قوله: «ذلك» إشارة قول جبريل، وهو منصوب على المفعولية لـ (قال) لتضمنه معنى الجملة، كقوله تعالى:{كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا}، أي قال ملك الجبال قولاً كقول جبريل. والعرب يختصرون عند حكاية الأقوال كما في قوله تعالى:{الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا} إلى قوله: {قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ} أي جاؤوا بما قلتموه، وهو الإتيان بقربان تأكله النار. ومنه قوله تعالى: {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ}.
وقوله:«فما شئت» تفريع عن مضمون قوله: «ذلك» وهو استفهام، أي: فما تشاء أن أفعل لهم؟
ويجوز أن يكون «ذلك» إشارة إلى المذكور، وهو مصادر الأفعال التي في قوله:«أن أطبق عليهم الأخشبين»، أي ذلك التطبيق إن شئته. وهذا كقوله تعالى:{كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ}، أي كذلك الإنزال الذي نزلناه لنثبت به فؤادك.