للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: «لَئِنْ أعطيتنيه لَا يَخْلُصُ إِلَيْهِ»، أي يجادلهم بأنه صار مملوكاً، جدالاً لا يقبلون مثله من علي بن حسين، لمكان المسور من صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكون قوله حجة عند المسلمين.

وقوله: «أَنْ عَلَي بُنٍّ أَبِيٍّ طَالِبِ» إلخ، مناسبته لما قبله أنه دل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غضب لغضب فاطمة رضي الله عنها، وأن انتزاع سيف أبيها من سبطها ومصيره إلى أعداء ابنها من شأنها أن يغضبها لو كانت حية، فهو يغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولرسول الله بعد موته من المراعاة مثل ما له في حياته. والكلام على بقية هذا الحديث يأتي في كتاب النكاح [٧: ٤٧، ١٢].

* * *

[باب من لم يخمس الأسلاب]

فيه حديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - عن يوم بدر وكيف قتل ابنا عفراء أبا جهل [٤: ١١٢، ٨]:

«فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهمّا حَتَّى قَتَلاهُ. ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ: «أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ » قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ. فَقَالَ: «هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ » قَالا: لا. فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ فَقَالَ: «كِلاكُمَا قَتَلَهُ، سَلَبُهُ لِمُعَاذِ ابنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ». وَكَانَا مُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ وَمُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بن الجَمُوحِ».

طلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينظر في سيفيهما ليتبين ما يصدق قولهما فيقضي له، وهذا كمعرفة العفاص والوكاء؛ إذ لا يمكن أن يقتل قتيل بسيف ولا يتلطخ ذلك السيف بالدم. فلما رأى في كلا السيفين شاهداً على صدق مقالهما، بأن كان التلطخ دالاً على ضربة قاتلة بحسب ما هو المعروف من مقدار الدم الملطخ به، علم أنهما اشتركا في قتله.

ويدلُّ لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «كِلاكُمَا قَتَلَهُ» فهو صريح في تشاركهما، لا يحتمل تأويلاً؛ إذ ليس المقام صراحةً وإعمال بينة، إذ هو مقام قضاء لا مقام تطييب خواطر، كما قال في غزوة حنين [٥: ١٩٧، ٧]: «مَنْ قتل قتيلاً له عليه بينة فله سَلَبُه».

وإذ قد كان كلتا الضربتين قاتلتين احتمل أن يكون زهوق الروح بكل منهما

<<  <   >  >>