للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الجهاد. ولكن بقي الاستواء لما كان يصدق بحالتين:

إحداهما: أن يكون القاعد آثمًا لعدم عذر له في القعود.

والثانية: أن يكون غير آثم لعذر له في القعود.

وكان نفي الاستواء قد يستعمل كناية عن المؤاخذة بالاعتبار الأول كما في قوله: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} [السجدة: ١٨] جاء البيان بقوله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: ٩٥] لنفي هذا الاحتمال، وإن كان احتمالاً مرجوحًا، لكنه قد خطر لبعض السامعين، كما دل عليه اعتذار عبد الله بن أم مكتوم. فهذا نظير نزول قوله تعالى: {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] بعد نزول: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: ١٨٧].

وإنما أقحمت إثر قوله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ٩٥] دون أن يكون في آخر الآية ليكون قوله: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ} [النساء: ٩٥] الآية، على عمومه في جميع المجاهدين والقاعدين، فهو كالحد الجامع المانع. فتعين أن الاستثناء في قوله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: ٩٥] تخصيص للمعنى الكنائي.

* * *

باب {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: ١٤٥]

فيه قول حذيفة لأهل حلقة ابن مسعود [٦: ٦٢، ١٣]:

(لقد أُنزل النفاق على قوم خير منكم).

يحتمل أن يكون حذيفة أراد مجرد الموعظة تحذيرًا للناس من أسباب التفريط في الإيمان، فيكون كلامه من أسلوب الترهيب. وهذا هو الذي يؤذن به قوله لهم حين رأى استعظامهم كلامه فقال: (ثم تابوا فتاب الله عليهم) على طريقة تعقيب الترهيب بالترغيب.

* * *

باب {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا} [المائدة: ٢٤]

فيه قول ابن مسعود - رضي الله عنه -[٦: ٦٥، ١]:

(قال المقداد: يوم بدر).

<<  <   >  >>