يستفرغ ما فيها من الماء، فهو -بفتح العين واللام مكسورة- بوزن فعالي في جمع فعلاء، مثل: صحاري، والياء هنا مفتوحة لظهور الفتحة على الياء، ولا يجوز غير ذلك هنا.
ومعنى «أرسلت» حلت وفتحت، وأصل الإرسال الإطلاق من الربط، أي: أزالت وكاء القرب. شبه شدة المطر بانصباب الماء من قرب كثيرة، وحذف المشبه به ورمز إليه بذكر لازمه، وهو العزالي، على طريقة المكنية، والإرسال ترشيح.
* *
ووقع في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -[٤: ٢٤٩، ٣]:
«سمعته يقول وقال بيده هكذا»
يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومعنى «قال بيده»: أشار. ولم أر من وصف كيفية هذه الإشارة.
* *
وفيه حديث ابن عباس - رضي الله عنه -[٤: ٢٤٧، ٧]:
(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك ولئن أدبرت ليعقرنك الله»).
أي: قال لمسيلمة. ومعنى «لئن أدبرت ليعقرنك الله»: لئن أعرضت عن الإسلام الذي جئت لأجله ليغلبنك الله. وقد جاء التركيب على طريقة الاستعارة التمثيلية؛ إذ شبه الهيئة الحاصلة من إعراضه عن الإسلام بعد اقترابه منه ووشكه عليه يعرض للقناص فيكاد يقع في سوطه ثم يدبر حين يلوح له الصائد فيرميه الصائد برمحه فيعقره فيحسبه عن السير ويمسكه.
وقد حذف بعض أجزاء المركب الدال على الهيئة المشبه بها كما هو الشأن في التمثيلية غالبًا اكتفاء بمعظم أجزائه، وهما الإدبار والعقر؛ إذ لا إدبار في الحقيقة. والعقر: قطع قائمة من الوحش، قال تعالى:{فَعَقَرُوا النَّاقَةَ}[الأعراف: ٧٧] وقال امرؤ القيس:
تقول وقد مال الغبيط بنا معًا ... عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل
والتشبيه بأحوال حمار الوحش فاش في كلام البلغاء والشعراء، قال الله تعالى: