{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}، {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} ... [النساء: ٩٣] فقال: لما أنزلت التي في الفرقان قال مشركو أهل مكة: فقد قتلنا النفس التي حرم الله، ودعونا مع الله إلهًا آخر، وقد أتينا الفواحش، فأنزل الله:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ} الآية [مريم: ٦٠]، فهذه لأولئك. وأما التي في النساء الرجل إذا عرف الإسلام وشرائعه ثم قتل فجزاؤه جهنم خالدًا فيها، فذكرته لمجاهد فقال: إلا من ندم).
وقع سهو للراوي في ذكر الآية الأولى؛ إذ قال:{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ}، [الانعام: ١٥١] فإن هذه الآية من سورة الإسراء وبعدها: {إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا}[الإسراء: ٣٣] إلخ. وهي ليست المسؤول عنها إذ لا تعارض بينها وبين آية النساء، إذ ليس في آية الإسراء ذكر التوبة وإنما الآية المسؤول عنها هي قوله تعالى:{وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ}[الفرقان: ٦٨]؛ ولذلك قال ابن عباس؛ ولذلك قال ابن عباس:«لما أنزلت التي في الفرقان».
ومعنى قول المشركين:«فقد قتلنا» أنهم قصدوا إفحام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يكف عن دعوتهم إلى الإسلام، فقصدوا أنه على حسب ما أنزل عليه هنا لا تكون لهم فائدة في الإسلام؛ إذ قد وجب عليهم الخلود بما أتوه من الشرك والجرائم في الجاهلية.
ومن هنا يظهر وجه ذكر هذا الخبر في «ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - من المشركين»، أي من الأذى والتكذيب وقصد الإفحام.
ومعنى تأويل ابن عباس أنه جعل قوله تعالى:{إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآَمَنَ}[الفرقان: ٧٠] استثناء من مجموع الجمل المذكورة قبله. وتأوله ابن عباس بأنه راجع إلى المجموع لا إلى الجميع، أي ليس الاستثناء راجعًا إلى كل جملة على حدة.
وقصده من ذلك أن يكون الأهم هو التوبة من الشرك، وأن ما ذكر معه من الفواحش إنما هو لتشويه حال الذين يدعون مع الله إلهًا آخر.
وهذا التأويل الذي نقله ابن جبير عن ابن عباس تأويل بعيد؛ لأنه خلاف الفواحش إنما هو لتشويه حال الذين يدعون مع الله إلهًا آخر.
وهذا التأويل الذي نقله ابن جبير عن ابن عباس تأويل بعيد؛ لأنه خلاف المعروف في استعمال الاستثناء الوارد بعد الجمل؛ إذ هو يرجع إلى جميعها، أي إلى مدلول كل جملة منها.