أقول: لعله وهم جرى لبعض من طالع اللباب. فلعله قال: ألبتة بهمزة: القطع. فقرأها الناسخ: بهمزة القطع، بالإضافة، فإن علماء اللغة لم يذكروا هذا عن اللباب مع غرابته. ولو كان في اللباب لذكروه؛ لأن «اللباب والعباب» كلاهما من أصول كتب اللغة. وهذا كتاب لسان العرب يوجد فيه هذا النقل وكذلك القاموس.
* *
ووقع فيه قول عمر بن الخطاب [٥: ١٧٦، ١١]:
(لولا أن أترك آخر الناس ببانا ليس لهم شيء ما فتحت علي قرية إلا قسمتها ... ) إلخ.
فقوله:«بيانا» هو بباءين موحدتين مفتوحتين وثانيتهما مشددة.
ذكرها الجوهري في مادة (ببب) المضاعف، وتبعه في القاموس، فهو بوزن فعلان. وقيل: أصله بين فهو بوزن فعال. وفي هذه المادة ذكره صاحب اللسان فهو فعال، كما اختاره أبو علي الفارسي في التذكرة.
قال أبو عبيدة وأبو سعيد الضرير هو غير عربي. وقال الأزهري: كأنها لغة يمنية لم تفش في كلام معد، يعني أنها من كلام الأزد الذين منهم الأوس والخزرج، فتكلم بها المضريون بعد أن هاجروا إلى المدينة. وذكر في القاموس أنها قد تخفف باؤها.
واختلفوا في معناها على ثلاثة أقوال:
الأول: قول أكثر أهل اللغة: إنها الشيء الواحد والضرب الواحد.
الثاني: أنها الجماعة.
الثالث: قال عياض: إنها المعدم الذي لا شيء له، وعزاه إلى الطبري. وقال: إنهم أغفلوه تقصيرًا.
وعلى القول الثالث فقول عمر عقبه:«ليس لهم شيء» تفسير لمعنى الببان، كقول أوس بن حجر:
الألمعي الذي يظن بك الظن ... كأن قد رأى وقد سمعا
وعلى القولين الآخرين فالجملة حال أو مفعول ثان لـ «أترك».