للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونفرة عن الإسلام، فنهى الرسول عن ذريعة ذلك؛ لئلا يكون سببًا في زيادة تفرقهم، فإنه بُعث مرغبًا لا منفرًا. وهذا مثل قوله تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ} [الأنعام: ١٠٨] مع أن سب آلهتهم قربة إلى الله تعالى، وقد نهى عنها؛ لأنها ذريعة لازدياد كفرهم وتصلبهم فيه. هذا هو حق معنى الحديث وتفسير الآيتين.

وقوله: «ورسول الله مختف بمكة» أي منزو هو وأصحابه قبل أن ينزل عليه قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: ٩٤، ٩٥].

وإطلاق الاختفاء على الانزواء والاستضعاف استعارة هي عكس إطلاق (ظهر) على معنى (انتصر) يقال: ظهر بنو فلان على بني فلان، وليس المراد حقيقة الاختفاء؛ لأنه ينافي قوله: «فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته».

* * *

وقع في بعض نسخ الصحيح إثر هذا الحديث ما نصه:

(قال الفريزي: قال محمد بن عياش: إن أبا عبد الله لم يجيء من أحاديث هشيم في هذا الكتاب إلا بالخير. وذكر أن هشيمًا كان صاحب تدليس).

ولم أعرف ابن عياش هذا ولا تحققت أهو بمثناة وشين معجمة، أم هو بموحدة وسين مهملة، بعد مراجعات في كتب الرجال والمشتبه وذيله والقاموس وفي أسماء الذين رووا عن البخاري، وهو من أصحاب البخاري لا محالة.

ولعله أعلى طبقة من الفربري الذي هو من صغار أصحاب البخاري - رضي الله عنه -، وأحسب سبب إغفاله أن الناس انحصر اعتمادهم في رواية صحيح البخاري على الفربري وما تفرع عنه.

* * *

سورة الكهف

وقع فيه قوله [٦: ١١٠، ١١]:

({هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ} [الكهف: ٤٤] مصدر الولي).

<<  <   >  >>