يكون مات من ذلك المرض، فتكون قد ورثت زوجين؛ وذلك يستلزم أنها اعتبرت زوجة لمطلقها الزوج الأول.
دليله: ميراثها منه بعد موته في حين أنها يومئذ متزوجة بالزوج الثاني، قالوا: فرجع الشعبي وقال: لا ترث مطلِّقها المريض إلا إذا كانت في العدة.
ولعمري إن استدلال ابن شُبْرمة لَمُغالَطَةٌ وإن رجوع الشعبي عن قوله لأجلها لعجيب وضعفٌ في التفقه؛ لأن إثبات الميراث للمبتوتة في المرض بناء على تهمته بأنه طلقها ليحرمها من الميراث، فعومل بنقيض مقصده بعلة المظنة، وإذا كان كذلك لم يكن تعدد ميراثها من الأزواج ناقضاً لعلة حكم الميراث؛ لأنها إنما ورثت بسبب العصمة الأُولى. ولم يعتبر الطلاق الواقع في المرض مانعاً من تأثير السبب في الميراث، فحقها في الإرث ثبت بموجب عصمة سابقة، وإباحة التزوج لها بثانٍ مقتضى للطلاق والخروج من العدة.
والحاصل أن الطلاق في المرض يرفع حكم العصمة بالنسبة لإباحة التزوج بثانٍ، ولا يرفع حكم العصمة في كونها سبب ميراث.
ولا يهولنا أنها ورثت زوجين؛ إذ قد ترث ثلاثة أزواج، كما إذا طلقت في المرض فخرجت من العدة فتزوجت بثانٍ، ثم طلقها بعد بنائه بها بيوم ومات وهي في العدة، فتزوجت بثالث فمات ليلة بنائه بها، ثم مات الزوج الذي طلقها في مرضه ذلك.
* * *
ووقع فيه قول امرأة رفاعة [٧: ٥٥، ٤]:
(إنَّ رفاعة طلَّقني فبتَّ طلاقي، وإنِّي نكحت بعده عبد الرَّحمن بن الزُّبير القُرظيِّ، وإنِّما معه مثل الهدبة).
فقولها:«وإنما معه» هو بكسر الهمزة، ووصل (ما) بـ (إنَّ) خلافاً لما في بعض نسخ البخاري فهي (إنما) أداة الحصر.
والمعنى: ما معه إلا مثل الهُدبة، وليس الحصر راجعاً إلى شيء من أشياء؛ ولكنه راجع إلى حالة من أحوال شيء، وهو ذَكَره، أي ليس معه إلا مثل الهدبة، أي لا يكون معه شيء له حالة إلا حالة مماثلة للهُدْبة، وقد أفادت كلمة (مع) هذا المعنى.