دل على أنه ليس بواجب عليها إنفاق بني أبي سلمة منها.
ومنهم من حمله على أنه يجب على الوارث في مال الميت بقرينة وصف القريب بأنه وارث، ولم يقل: وعلى العاصب أو المولي مثل ذلك، فالمعنى: وعلى وصي الرضيع مثل ما كان واجباً على أبيه في ماله، ويشهد له حديث هند بنت عتبة؛ إذ جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها أن تأخذ من مال أبي سفيان وهو غائب، فيقاس عليه الأخذ من مال الميت بعلة المالية والغيبة في كُلٍّ.
ومنهم من حمله على الوجوب على قريب القرابة، وسماه وارثاً باعتبار أنه لو كان للميت مال لكان هو وارثه.
والظاهر أن البخاري تعارض عنده الدليلان، فلم يترجم بما يؤخذ منه رأي له في هذا الحكم، وأخرج تحت الترجمة الحديثين وقال: إن الآية منسوخَة.
ولم يتضح وجه ذكر ذلك هنا. والذي عندي أن الآية مقدمة من تأخير وأن موقعها عقب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -[٧: ٨٦، ١٦]: «مَنْ تَرَكَ كلأ أو ضياعاً فإليَّ» لتكون تفسيراً لقول النبي: «من ترك كلأ» أي من ترك حقّاً عليه لأحد. ومن جملة الحقوق حق الإرضاع الذي فرضه الله على مال الميت بقوله: {وعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ {، فأشار البخاري إلى أن حكم الآية منسوخ بأن ذلك كان قبل أن تنتظم جماعة المسلمين ويصير لهم بيت مال؛ لأن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك كلأ أو ضياعاً فإليَّ» صريح في أن من لا مال له يوفي بحقوق عليه أن تكون توفية الحقوق من بيت المال.
وهذا الرأي مروي عن مالك أيضاً في رواية أسد بن الفرات؛ فيحتمل أن المصنف نسي فكتب الآية قبل سوق الحديث، ويحتمل أن ذلك من صنع الرواة؛ ولذلك يتعين أن يكون قوله:(قول النبي: «من ترك كلأ .... ») إلخ، من بقية هذا الباب وليس ترجمة مستقلة، وأن ما وقع في رواية أبي ذر من جعله باباً ليس على ما ينبغي.