يوم حرام، قال:«فأي بلد هذا؟ » قالوا: بلد حرام، قال:«فأي شهر هذا؟ » قالوا: شهر حرام ... ) إلخ.
ووقع في حديث أبي بكرة بعده [٢: ٢١٦، ٩]:
(«قال خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر؛ قال: «أتدرون أي يوم هذا؟ » قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال:«أليس يوم النحر؟ ! » قلنا: بلى، قال:«أي شهر هذا؟ » قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال:«أليس ذو الحجة؟ » قلنا: بلى، قال:«أي بلد هذا؟ » قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال:«أليست بالبلدة الحرام؟ » قلنا: بلى ... ) إلخ.
والروايتان صريحتان في أن الخطبة المحكية فيهما خطبة واحدة، فما وقع في حديث ابن عباس: أنهم أجابوا بأنه «بلد حرام»، وبأنه «شهر حرام» يتعين أنه حكى جواب فريق من السامعين، وما وقع في حديث أبي بكرة أنهم أجابوا بقولهم:«الله ورسوله أعلم» يتعين أنه جواب فريق آخرين.
فأما الفريق الأول فجوابهم ظاهر؛ وأما الفريق الآخر فإنما وقفوا اعن الجواب من أجل أنهم لما وجدوا السؤال عن أمر معلوم للناس كلهم علموا أن المقصود منه تهيئتهم إلى تلقي شيء لم يكن معلومًا لهم، فسبقت أفهامهم إلى أن ذلك تغيير يتعلق بأحوال المسؤول عنها؛ إذ قد سمعوا في أول الخطبة قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ... » إلخ، كما جاء ترتيب ذلك في رواية عن أبي بكرة أخرجها البخاري في كتاب التوحيد [٩: ١٦٣، ٨]، وعلموا إبطال النسيء فتوهموا أن ذلك يستتبع تغيير أسماء الشهور والأماكن المتعلقة بالحج؛ إذ كان النسيء إنما وضعوه لأجل زمان الحج.