للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالظاهر أن النعمان حدث به مرة بلفظ: «القائم» ومرة بلفظ: «المدهن»، فيتعين أن يكون اللفظان بمعنى واحد، فالمراد بـ «القائم». الواقف عند الحد لم يقتحمه ولم يبعد عنه، فهو يرى الواقع في الحدود، ولكنه لا يقع معه. وكذلك «المدهن»: هو الذي يرى الواقع في الحدود ولا يجترئ على أنه ينهاه ويمنعه، فهو يصانعه؛ فلذلك سمي مدهناً؛ لأن الإدهان هو المصانعة. ولعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد مثل مرة بالقائم ومرة بالمدهن، وسمع منه النعمان بن بشير كليهما، فحدث مرة بهذا ومرة بهذا، أو كذلك حدث الشعبي عن النعمان بن بشير.

وقوله: «كمثل قوم استهموا سفينة» إلى قوله: «فأخذ فأساً» هو تمهيد للتمثيل المقصود التشبيه به، وليس هو جملة التمثيل، ولكنه تصوير للحالة التي يترتب عليها التمثيل. فمحل التمثيل هو قوله: «فأخذ فأساً» إلى آخر الحديث.

وقد فُهِم من قوله: «فإن أخذوا على يديه» وقوله: «وإن تركوه» إلخ، تفصيل حالتي المدهن، أي إن استمر المُدهن على إدهانه أهلك وهلك، وإن أخذ بالنهي والزجر أنجى غيره ونجا. فالمشبه بالفريق الذي في أعلى السفينة هو غير الواقع في حدود الله باختلاف حالتيه، والمشبه بالفريق الذين أخذوا ينقرون السفينة هو الواقع في حدود الله.

* * *

<<  <   >  >>