للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ذبح قبل الصلاة، فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تمَّ نُسكُه، وأصاب سنة المسلمين» (١).

وعن البراء بن عازب قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: «إن أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل هذا فقد أصاب سنَّتنا، ومن نحر فإنما هو لحم يقدمه لأهله، ليس من النسك في شيء» فقال أبو بريدة: يا رسول الله، ذبحتُ قبل أن أصلين وعندي جذعة خير من مسنة، فقال: «اجعلها مكانها، ولن تجزئ عن أحد بعدك» (٢).

والحديثان يدُلاَّن على أن وقت الذبح يدخل بعد فعل الصلاة -لمن تقام فيهم صلاة العيد- ولا يشترط التأخير إلى نحر الإمام، فإن الإمام لو لم ينحر لم يكن ذلك مسقطًا على الناس مشروعية النحر، ولو أن الإمام نحو قبل أن يصلي لم يجزئه نحره، فدلَّ عن أنه هو والناس في وقت الأضحية سواء (٣).

وأما حديث جابر قال: «صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بالمدينة فتقدم رجال فنحروا، وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر، ولا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم» (٤) فقد تأوَّله الجمهور على أن المراد: زجرهم عن التعجيل الذي قد يؤدي إلى فعلها قبل الوقت، وبهذا جاء في باقي الأحاديث التقييد بالصلاة، وأن من ضحى بعدها أجزأه ومن لا فلا.

آخر وقت الأضحية:

اختلف العلماء في آخر وقت للأضحية على نحو الاختلاف الذي تقدم في «كتاب الحج» في أيام النحر، والذي يظهر أن التضحية تمتد إلى آخر أيام التشريق (الثالث عشر من ذي الحجة) وإن كان الأحوط أن تفعل في يوم النحر، للإجماع على إجزائها فيه، والله أعلم.

مكان الذبح والنحر:

يُشرع -بعد صلاة العيد- أن يذبح المضحي أو ينحر في أي مكان شاء، في منزله أو غيره، كما يُشرع أن يذبح في المصلى، كما في حديث جندب بن سفيان


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٥٥٤٦)، ومسلم (١٩٦٢).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٥٥٦٠)، وقد تقدم.
(٣) «الفتح» (١٠/ ٢٤) بنحوه، وانظر «الأم» (٢/ ٣٣٢).
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (١٩٦٤)، وأحمد (٣/ ٢٩٤)، و «المحلى» (٧/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>