للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقدم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل متعمدًا دُفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا أخذوا الدية، وهي ثلاثون حُقَّة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة، وما صولحوا عليه فهو لهم» وذلك لتشديد العقل (١).

[استيفاء القصاص]

١ - زمان الاستيفاء (٢)؟

إذا ثبت القصاص بشروطه، جاز للولي استيفاؤه فورًا من غير تأخير؛ لأنه حقُّه، لكنه لا يكون مستحقًّا له حتى يموت المجني عليه، فإذا جُرح جرحًا نافذًا لم يُقتص من الجاني حتى يموت المجني عليه؛ لأنه ربما شفي فلا يُقتل الجاني.

وقد نصَّ الفقهاء على أن القاتل إذا كان امرأة حاملًا: يؤخر القصاص حتى تلد، حفاظًا على سلامة الجنين وحقه في الحياة، بل إنها تُنظر إلى الفطام أيضًا إذا لم يوجد غيرها لإرضاعه.

٢ - مكان الاستيفاء (٣):

ليس للقصاص في القتل مكان معين، لكن إذا التجأ الجاني إلى الحرم فقد اختلف الفقهاء فيه:

فذهب المالكية والشافعية - وأبو يوسف من الحنفية - إلى أنه يخرج منه ويُقتل خارجه.

وذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه لا يخرج منه ولا يُقتل فيه، لكن يمنع عنه الطعام والشراب حتى يخرج من الحرم بنفسه ويقتص منه.

هذا إذا كانت جنايته قد وقعت خارج الحرم أصلًا، وأما إذا وقعت جنايته - في الأصل - داخل الحرم، جاز الاقتصاص منه في الحرم وخارجه باتفاق الفقهاء.

قلت: صحَّ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «من قتل أو سرق في الحل، ثم دخل الحرم، فإنه لا يجالس، ولا يكلم، ولا يؤذي، ويناشد حتى يخرج، فيقام عليه،


(١) حسن: تقدم قريبًا.
(٢) «ابن عابدين» (٣/ ١٤٨)، و «الزرقاني» (٨/ ٢٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٣)، و «المغني» (٧/ ٧٣١).
(٣) «ابن عابدين» (٥/ ٣٥٢)، والمراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>