للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن ذهب الشافعية والحنابلة - والكرخى من الحنفية - إلى وجوب الكفارة في قتل شبه العمد؛ لأنه يشبه قتل الخطأ من جهة عدم قصد القتل.

وذهب الحنفية إلى أنها لا تجب فيه؛ لأن هذه جناية مغلظة والمؤاخذة فيها ثابتة.

[القسم الثالث: القتل الخطأ]

تعريفه وصوره (١): القتل الخطأ هو ما وقع دون قصد الفعل والشخص، أو دون قصد أحدهما، ومن صوره:

١ - أن لا يقصد الضرب ولا القتل، مثل أن يرمي صيدًا أو هدفًا فيصيب إنسانًا.

٢ - أن ينقلب وهو نائم على إنسان فيقتله.

٣ - أن يقتل - في دار الحرب - من يظنه كافرًا، فيتبين مسلمًا.

٤ - أن يضربه على سبيل اللعب، فيقتله.

ما يترتب عليه: يترتب على القتل الخطأ ما يلي:

(أ) وجوب الدية والكفارة (٢): وهذا يجب على من قتل مؤمنًا خطأً أو كافرًا معاهدًا باتفاق الفقهاء، لقوله تعالى: {ومن قتل مؤمنًا خطئًا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة} (٣) (٤).

وتكون الدية على العاقلة، والكفارة من ماله.

(ب) وجوب الكفارة فقط (٥): وتجب بالاتفاق، على من قتل مؤمنًا في بلاد الكفار أو حروبهم وهو يظنه كافرًا؛ لأنه رآه يعظم آلهتهم أو كان عليه زي الكفار ونحو ذلك، لقوله تعالى: {فإنه كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة} (٦).


(١) «فتح القدير» (٩/ ١٤٧)، و «الشرح الصغير» (٢/ ٣٨٣ - مع الصاوي)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤)، و «المغني» (٧/ ٦٥٠).
(٢) «فتح القدير» (٩/ ١٤٧)، و «ابن عابدين» (٥/ ٣٤١)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٥٣٤)، و «حاشية الجمل» (٥/ ١٠٢)، و «المغني» (٧/ ٦٥١)،
(٣) سورة النساء: ٩٢.
(٤) قال الماوردي: قدَّم في قتل المسلم الكفارة على الدية، وفي الكافر الدية، لأن المسلم يرى تقديم حق الله على نفسه، والكافر يرى تقديم حق نفسه على حق الله تعالى. اهـ.
(٥) «مراتب الإجماع» (ص ١٤٠)، و «فتح القدير» (٤/ ٣٥٥)، و «البدائع» (٧/ ٢٥٢)، و «الكافي» لابن عبد البر (٢/ ١١٠٦)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٤٧٢)، و «الأم» (٦/ ٣٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٣)، و «المغني» (٧/ ٦٥١)، و «الإنصاف» (٩/ ٤٤٧).
(٦) سورة النساء: ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>