للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يتشهَّد بعد سَجْدَتَيْ السهو؟

لأهل العلم في هذه المسألة أربعة أقوال (١) أصحُّها أنه لا يتشهد بعد سجدتي السهو لعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما اعتمد من قال به على ما رُوى من حديث عمران بن حصين:

«أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها، فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلَّم» (٢) وهو شاذ لا يصح، ولذا قال شيخ الإسلام (٢٣/ ٤٨): «.... فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه أنه سجد بعد السلام غير مرة كما في حديث ابن مسعود لما صلى خمسًا، وفي حديث أبي هريرة -حديث ذي اليدين- وعمران بن حصين ... وليس في شيء من أقواله أمر بالتشهد بعد السجود، ولا في الأحاديث الصحيحة المتلقاة بالقبول: أنه يتشهد بعد السجود، بل هذا التشهد بعد السجدتين عمل طويل بقدر السجدتين أو أكثر ومثل هذا مما يُحفظ ويُضبط، وتتوفَّر الهمم والدواعي على نقله، فلو كان قد تشهد لذكر ذلك من ذكر أنه سجد، وكان الداعي إلى ذكر ذلك أقوى من الداعي إلى ذكر السلام وذكر التكبير عند الخفض والرفع، فإن هذه أقوال خفيفة، والتشهد عمل طويل، فكيف ينقلون هذا ولا ينقلون هذا» اهـ.

[الصلاة في السفر]

السفر لغةً: قطع المسافة، وخلاف الحضر (أي الإقامة).

والسفر اصطلاحًا: خروج الإنسان من وطنه قاصدًا مكانًا يستغرق المسير إليه مسافة ما، اختلف الفقهاء في تقديرها كما سيأتي.

أولاً: قصر الصلاة:

تعريفه: القصر لغةً: الحبس، وعدم بلوغ الشيء مداه ونهايته.

والقصر شرعًا: أن تصير الصلاة الرباعية ركعتين في السفر، سواء في حالة الخوف أو الأمن.


(١) «الأوسط» لابن المنذر (٣/ ٣١٤ - ٣١٧) وقد حكى القول بإثباته، وبمنعه، وبالتخيير، وبالتفريق بين ما كان بعد السلام فيتشهد وما كان قبله لا يتشهد.
(٢) شاذ: أخرجه أبو داود (١٠٣٩)، والترمذي (٣٩٥)، وابن الجارود (٢٤٧) وغيرهم، وقد ضعَّفه البيهقي وابن عبد البر وابن تيمية وغيرهم، وكذا العلامة الألباني كما في «الإرواء» (٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>