للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستثنى من هذا: إذا كان المستحلف ظالمًا للحالف أو غيره، فحينئذٍ يجوز للحالف التورية لحفظ حقٍّ أو نصرة مظلوم:

كما في حديث سويد بن حنظلة قال: خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل ابن حجر، فأخذه عدو له فتحرَّج القوم أن يحلفوا، وحلفتُ أنه أخي فخلىَّ سبيله، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته أنَّ القم تحرَّجوا أن يحلفوا وحلفتُ أنه أخي، قال: «صدقتَ، المسلم أخو المسلم» (١).

ولأن الظالم ليس له حقُّ التحليف، فجازت التورية.

كفَّارة اليمين

تعريفها ومشروعيتها:

الكفَّارة مشتقة من الكفر وهو الستر والتغطية، وكفارة اليمين ما يجب بالحنث فيها، وسميت بذلك لأنها تكفِّر أي تغطي إثم الحنث، فلا يؤاخذ به يوم القيامة.

وكفارة اليمين بالله تعالى إذا حنث فيها -وهي منعقدة- ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، وقد ذكرها الله تعالى في كتابه، حيث قال:

{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٢).

فبيَّنت الآية الكريمة أن كفارة اليمين المعقودة واجبة على التخيير -ابتداءً- في:

١ - الإطعام ٢ - الكسوة ٣ - تحرير الرقبة (العتق).

فغن عجز عن الثلاث وحب صيام ثلاثة أيام، ولا يجوز التكفير بالصيام إلا بعد العجز عن الثلاث الأولى، وعلى هذا إجماع العلماء.

وإليك أهم ما يتعلق بهذه الخصال من مسائل:

١ - الإطعام:

(أ) عدد المساكين الواجب إطعامهم (٣): جاء في الآية الكريمة أن الكفارة


(١) صححه الألباني: وقد تقدم.
(٢) سورة المائدة: ٨٩.
(٣) «المبسوط» (٨/ ١٥٠)، و «الأم» (٧/ ٩١)، و «المغنى» (١١/ ٢٥٨)، و «المحلى» (٨/ ٧٢)، و «فقه الأيمان» (ص ٢١٤ - ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>