للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحج عن الغير]

١ - الحج عن العاجز:

من استطاع السبيل إلى الحج ثم عجز عنه، بسبب كبر أو مرض لا يرجى برؤه ويسمى المغصوب، فإنه يلزمه أن يقيم من يحج عنه من ماله، لحديث ابن عباس عن الفضل بن عباس: «أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله، إن فريضة الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم» (١).

وفي رواية: قال صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو كان على أبيك دين، أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: «فدين الله أحق أن يقضى» (٢).

وبهذا قال الجمهور خلافًا لمالك.

فائدة:

إذا حُجَّ عن المغصوب الذي لا يرجى برؤه ثم عافاه الله، فقد برئت ذمته ولا يطالب بالحج بنفسه بعد ذلك -في أصح قولي العلماء- لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر -في الحديث السابق- أن دين الله يقضى بالحج عنه ويسقط عنه، فلا يجوز أن يعود فرضه إلا بنص ولا نص ههنا بعودته ولو كان ذلك عائدًا لبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم لا سيما مع قيام احتمال أن يطيق الشيخ الركوب، فلا يجوز عودة الفرض عليه بعد صحة تأديته عنه. وهذا مذهب الحنابلة وإسحاق وابن حزم وذهب أبو حنيفة والشافعي وابن المنذر إلى أنه يلزمه الحج ولابدَّ، قالوا: لأنه لما برئ تبين أنه لم يكن مأيوسًا منه فلزمه الأصل. والأول أرجح والله أعلم (٣).

٢ - الحج عن الميت الذي وجب عليه الحج من تركته:

من مات وهو مستطيع بأحد الوجوه التي قدمنا، حج عنه من رأس ماله مقدمًا على ديون الناس -إن لم يوجد من يحج عنه تطوعًا- سواء أوصى بذلك أو لم يوص، لقوله تعالى في المواريث: {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (٤). فعَمَّ عز


(١) صحيح: أخرجه البخاري (١٨٥٥)، ومسلم (١٣٣٤).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٦٦٩٩)، والنسائي (٥/ ١١٩).
(٣) «المغنى» (٣/ ٤٤٩ - مع الشرح)، و «المحلى» (٦٢).
(٤) سورة النساء: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>