للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - أن العبادات والعقود المحرَّمة إذا فعلت على الوجه المحرَّم لم تكن لازمة صحيحة، فإن النهي يقتضي الفساد، ولأنه طلاق منه منه الشرع فأفاد منعه عدم جواز إيقاعه فكذلك يفيد عدم نفوذه، وإلا لم يكن للمنع فائدة، وقد أطال ابن القيم بمعارضات كثيرة من هذا الجنس.

وأجيب: بأن هذا قياس في معارضة النص - من صاحب القصة - فهو فاسد الاعتبار، وقد عورض هذا بقياس أحسن منه وهو ما تقدم نقله عن ابن عبد البر من أن الطلاق ليس من أعمال البر التي يتقرب بها إلى الله تعالى، وإنما هو إزالة عصمة فيها حق لآدمي فكيفما أوقعه وقع ... اهـ.

الراجح: من خلال الأدلة المتقدمة أن مذهب الجماهير من السلف والخلف من إيقاع الطلاق على الحائض هو الأقوى، والله أعلم.

تنبيه: يترتب على هذا أنه تجب على المرأة العدة: إذا طُلِّقت في الحيض، وهي في هذه الحالة تعتدُّ بحيضة على النحو الذي تقدم بيانه.

من طلَّق طلاق بدعة، هل يجب عليه مراجعتها؟

تقدَّم أن ابن عمر لما طلَّق امرأته وهي حائض، أخبر عمر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: «مُرْهُ فليراجعها ...».

وهو أمر استحباب عند أبي حنيفة والشافعي والأوزاعي وأحمد في المشهور عنه، وحكاه النووي عن سائر الكوفيين وفقهاء المحدِّثين.

وقال مالك وأصحابه: هي واجبة يُجبر عليها ما بقي من العدة شيء، وهذا هو الأصح عند الحنفية وبه قال داود الظاهري، وهو الأرجح عملًا بحقيقة الأمر، ورفعًا للمعصية بالقدر الممكن برفع أثره وهو العدة، ودفعًا لضرر تطويل العدة (١).

ثالثًا: الطلاق المُنجَّز والمضاف والمعلَّق

[١] الطلاق المُنَجَّز: وهو الطلاق الخالي في صيغته عن التعليق على شرط أو الإضافة إلى المستقبل، بل يقصد به المطلِّق وقوع الطلاق في الحال، كقوله (أنتِ طالق).

حكمه:

ينعقد هذا الطلاق سببًا للفرقة في الحال، ويعقبه أثره بدون تراخٍ ما دام


(١) «طرح التثريب» للعراقي (٧/ ٨٨ - ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>