للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من صلى العيد وتخلَّف عن الجمعة فهل يلزمه الظهر؟

جاء في أثر عطاء -في قصة ابن الزبير-: «فصلَّى الجمعة ركعتين بكرة صلاة الفطر، ثم لم يزد عليهما حتى صلى العصر، قال: فأما الفقهاء فلم يقولوا في ذلك، وأما من لم يفقه فأنكر ذلك عليه، قال: ولقد أنكرت أنا ذلك عليه وصليت الظهر يومئذ حتى بلغنا أن العيدين كانا إذا اجتمعا كذلك صليا واحدة» (١).

قال الشوكاني «ظاهره أنه لم يصلِّ الظهر، وفي أن الجمعة إذا سقطت بوجه من الوجوه المسوِّغة لم يجب على من سقطت عنه أن يصلي الظهر ... والظاهر أنه يقول بذلك القائلون بأن الجمعة، الأصل، وأنت خبير بأن الذي افترضه الله تعالى على عباده في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة، فإيجاب الظهر على من تركها لعذر أو لغير عذر محتاج إلى دليل، ولا دلي يصلح للتمسك به على ذلك فيما أعلم» اهـ (٢).

قلت: أما إسقاط الظهر عمن لم يصلِّ الجمعة وقد صلى العيد فلا أعلم أن أحدًا من الصحابة وافقه عليه، على أنه قد جاء عن عطاء -نفسه- قال: «اجتمع عيدان في عهد ابن الزبير فصلى بهم العيد، ثم صلى بهم الجمعة صلاة الظهر أربعًا» (٣).

فالنفس لا تطمئن لإسقاط الظهر، بل والأفضل أن يحضر الجمعة كذلك خروجًا من الخلاف، والله أعلم.

إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة:

فإن الحجيج لا يُصلون الجمعة، وإنما يصلوُّن الظهر والعصر جمعًا وقصرًا، ويخطبهم الإمام قبل ذلك خطبة عرفة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي في «الحج» إن شاء الله.

[صلاة العيدين]

الحكمة في مشروعية العيدين: أن كل قوم لهم يوم يتجملون فيه، ويخرجون من بيوته بزينتهم (٤).

عن أنس رضي الله عنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم، ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في


(١) إسناده حسن: أخرجه عبد الرزاق (٥٧٢٥)، وأبو داود (١٠٧٢) مختصرًا.
(٢) «نيل الأوطار» (٣/ ٣٣٦).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٧).
(٤) «حجة الله البالغة» للدهلوي (٢/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>