للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهلية، فقال: «قدمتُ عليكم، ولكم يومان تلعبون فيهما في الجاهلية، وقد أبدلكم الله بهما خيرًا منهما: يوم النحر ويوم الفطر» (١).

«أي: لأن يومي الفطر والنحر بتشريع الله تعالى، واختياره لخلقه، ولأنهما يعقبان أداء ركنين عظيمين من أركان الإسلام، وهما: الحج والصيام، وفيهما يغفر الله للحجيج والصائمين، وينشر رحمته على جميع خلقه الطائعين، وأما النيروز والمرجان، فإنهما باختيار حكماء ذاك الزمان لما فيهما من اعتدال الزمن والهواء ونحو ذلك من المزايا الزائلة، فالفرق بين المزيَّتين ظاهر لمن تأمر ذلك» (٢).

حكم صلاة العيدين:

اختلف أهل العلم في حكم صلاة العيدين على ثلاثة أقوال:

الأول: أنها واجبة على الأعيان، وهو مذهب أبي حنيفة وأحد أقوال الشافعي ورواية عن أحمد وبه قال بعض المالكية واختاره شيخ الإسلام (٣)، وحجتهم:

١ - قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (٤)، والأمر للوجوب.

٢ - قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (٥). والأمر بالتكبير في العيدين أمر بالصلاة المشتملة على التكبير الراتب والزائد بطريق الأولى والأحرى.

٣ - ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الصلاة في العيدين، وعدم تركها في عيد من الأعياد، ومداومة خلفائه والمسلمين من بعده عليها.

٤ - أمر الناس بالخروج إليها حتى النساء وذوات الخدور والحيَّض -وأمرهنَّ أن يعتزلن المصلى- حتى أمر من لا جلباب لها أن تلبسها صاحبتها، وسيأتي الحديث بهذا.

٥ - أنها من أعظم شعائر الإسلام الظاهرة فكانت واجبة كالجمعة، ولذلك يجب قتال الممتنعين من أدائها بالكلية.

٦ - أنها مسقطة للجمعة إذا اتفقتا في يوم واحد كما تقدم، وما ليس بواجب لا يسقط ما كان واجبًا.


(١) صحيح: أخرجه أبو داود (١١٣٤)، والنسائي (٣/ ١٧٩)، وأحمد (٣/ ١٠٣) والبغوي (١٠٩٨) وغيرهم.
(٢) «الفتح الرباني بترتيب مسند أحمد» للبنا (٦/ ١١٩).
(٣) «البدائع» (١/ ٢٧٤)، و «ابن عابدين» (٢/ ١١٦)، و «الدسوقي» (١/ ٣٩٦)، و «الإنصاف» (٢/ ٢٤٠)، و «مجموع الفتاوى» (٢٣/ ١٦١)، و «السيل الجرار» (١/ ٣١٥).
(٤) سورة الكوثر، الآية: ٢.
(٥) سورة البقرة، الآية: ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>