للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحدود]

تعريف الحدود (١):

الحدود لغةً: جمع حدٍّ، وهو المنع، ويُطلق على الحاجز بين الشيئين، أو ما يميِّز الشيء عن غيره.

والحدُّ شرعًا: «عقوبة مقدَّرة في الشرع، وحبستًا لأجل حق الله على ذنب - كما في الزنا - أو اجتمع فيها حق الله وحق العبد كالقذف».

فخرج بقولنا (مقدَّرة) التعزير، لعدم تقديره شرعًا، وخرج كذلك القصاص لأنه حق خالص للآدمي.

هذا هو الحد في اصطلاح الفقهاء، وهو موضوع هذا الكتاب، وإن كان الحد في لسان الشارع أعم من ذلك، فإنه يُراد به هذه العقوبة تارة، ويُراد به نفس الجنابة تارة كقوله تعالى {تلك حدود الله فلا تقربوها} (٢)، ويراد به تارة جنس العقوبة وإن لم تكن مقدَّرة، فقوله - صلى الله عليه وسلم - «لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله» (٣) فالمراد بالحد فيه: ما حَرُم لحق الله.

سبب تسمية العقوبات المقدَّرة حدودًا (٤): لا خلاف في أن العقوبات

المقدرة إنما سميت حدودًا لعلَّة المنع، وإنما حصل الخلاف في تعليل مورد المنع في ذلك على أقوال ثلاثة هي:

١ - لأن هذه العقوبات تمنعه المعاودة في مثل ذلك الذنب وتمنع غيره أن يسلك مسلكه.

٢ - لأنها عقوبات مقدرة من الشارع، تمتنع الزيادة فيها أو النقصان.

٣ - لأنها زواجر عن محارم الله.

وليس هناك ما يمنع التعليل بها مجتمعة لاشتمالها على هذه المعاني الثلاثة.


(١) «مختار الصحاح»، و «ابن عابدين» (٣/ ١٤٠)، و «كشاف القناع» (٦/ ٧٧)، و «المجموع» (٢٢/ ٣)، و «نيل الأوطار» (٧/ ١٠٥)، و «إعلام الموقعين» (٣/ ٢٩)، و «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٣٤٧)، و «الحدود والتعزيزات» (ص: ٢٤).
(٢) سورة البقرة: ١٨٧.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٦٨٥٠)، ومسلم (١٧٠٨).
(٤) «الحدود والتعزيزات عند ابن القيم» للعلامة بكر أبو زيد - أمتع الله بحياته - (ص: ٢٢، ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>