للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - قوله تعالى: {وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم} (١).

قالوا: فدلَّ على اعتبار العرز، والهازل لا عزم منه، وأجيب بأن الاستدلال بالآية على تلك الدعوى غير صحيح من أصله، فإنها نزلت في المولى (٢).

٢ - قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات ... " (٣).

ثانيًا: الشروط المتعلِّقة بالمطلَّقة:

يُشترط في المطلَّقة ليقع عليها الطلاق ما يلي:

١ - أن تكون الزوجية قائمة بينها وبين زوجها حقيقة أو حكمًا (٤):

كأن تكون المطلَّقة زوجة للمطلق، أو معتدَّة من طلاقه الرجعى.

فإذا كانت معتدة من طلاق بائن أو فسخ، فذهب الجمهور إلى عدم وقوع الطلاق عليها لانقضاء النكاح بالبينونة والفسخ، وذهب الحنفية إلى أن المبانة بينونة صغرى في عدتها زوجة من وجه بدلالة جواز عودها إلى زوجها بغير عقد جديد أثناء العدة، وعدم حل زواجها من غيره قبل انقضاء العدة، فلهذا يجوز تطليقها.

وإذا طلقت المرأة قبل الدخول والخلوة، فلا عدة عليها، لقوله تعالى: {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} (٥).

ويكون طلاقًا بائنًا فلا يلحقها طلاق آخر عند الحنفية والشافعية، فلو قال الرجل لزوجته التي لم يدخل ولم يختل بها: (أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق) فلا تقع إلا طلقة واحدة لأنها بالتطليقة الأولى صارت بائنًا من زوجها، وأصبحت أجنبية، فلا يلحقها طلاق آخر. وقال المالكية والحنابلة: يقع بهذه الألفاظ المتتابعة ثلاث طلقات، لأنه نسق أي: غير مفترق، لأن الواو تقتضي الجمع ولا ترتيب فيها، فيكون الرجل موقعًا للثلاث جميعًا فيقعن عليها (٦)، إلا أنه إذا قصد بالثانية والثالثة تأكيد ما قبلها، فيُصدَّق -عند المالكية- قضاءً بيمين، وديانة بغير يمين.


(١) سورة البقرة: ٢٢٧.
(٢) «نيل الأوطار» (٦/ ٢٧٨) ط. الحديث.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (١)، ومسلم.
(٤) «ابن عابدين» (٣/ ٣٤٤)، و «القوانين الفقهية» (٢٢٩)، و «الشرح الكبير» (٢/ ٣٧٠) مع الدسوقي، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٩٢)، و «المغني» (٧/ ٢٣٣).
(٥) سورة الأحزاب: ٤٩.
(٦) سيأتي تحرير مسألة: هي يقع طلاق الثلاث دفعة واحدة؟ قريبًا إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>