يحسن بالمسلمين أن يخالفوا هدي نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه -رضوان الله عليهم- فإن الخير كل الخير في هديه وهديهم، والشر كل الشر في المخالفة عن هديه وهديهم.
تنبيهان مهمان جدًّا:
الأول: يحرص كثير من الحجاج على المكث في المدينة المنورة أيامًا أكثر من الأيام التي يمكثونها في مكة، مع أن الصلاة في المسجد الحرام تعدل مئة ألف في غيره من المساجد، أما الصلاة في المسجد النبوي فهي كألف صلاة فيما سواه.
وهذا الفرق الكبير في الفضل بين الصلاة في مكة وبين الصلاة في المدينة ينبغي أن يكون فيه مقنع لأولئك الحجاج أن يكون مكثهم في مكة أكثر منه في المدينة.
الثاني: كثير من الحجاج يظنون أن زيارة المسجد النبوي هي من مناسك الحج، ولذا فإنهم يحرصون عليها كحرصهم على مناسك الحج، حتى لو أن رجلاً حج ولم يأت المدينة فعندهم أن حجه ناقص!!
ويروون على غير ما يظن هؤلاء، فزيارة المسجد النبوي سنة شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه، لكن لا علاقة بين الزيارة وبين الحج، ولا يترتب على زيارة المسجد صحة للحج، بل ولا كمال له، لأن زيارة المسجد النبوي ليست من مناسك الحج، بل هي مشروعة لذاتها وحدها.
محظورات الحرمين (١):
جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث عباد بن تميم عن عمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن إبراهيم حرَّم مكة ودعا لها، وإني حرمت المدينة كما حرَّم إبراهيم مكة».
فتحريمهما إنما كان بوحي من الله سبحانه لنبييه ورسوليه الكريمين -صلوات الله وسلامه عليهما-. وإذا قيل الحرمان، فهما مكة والمدينة، ولا يجوز إطلاق لفظ الحرم شرعًا إلا عليهما وحدهما، ولا يجوز إطلاق لفظ الحرم شرعًا على المسجد الأقصى، ولا على مسجد إبراهيم الخليل، إذ لم يسم الوحي حرمًا إلا مكة والمدينة، وهو تشريع لا مكان لعقل البشر فيه.
(١) نقلاً من «إرشاد الساري» لفضيلة الوالد الشيخ محمد إبراهيم شقرة -حفظه الله- عن «الوجيز» (ص ٢٦٠ - ٢٦١).