للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦ - حَدُّ الردَّة

تعريف الردة (١):

الردَّة لغة: الرجوع عن الشيء والتحول عنه.

وفي الاصطلاح: إتيان المسلم بما يقتضي كفره من قول أو فعل أو ترك أو اعتقاد أو شك، إذا توفرت شرائطه.

قال الله تعالى: {ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} (٢).

شروط المرتد:

لا تقع الردَّةُ من المسلم - الذي أتى أحد أسباب الردَّة - إلا إذا توفر فيه خمسة شروط: شرطا التكليف، وشرط الاختيار، وإرادة الكفر، والعلم بالحال والحكم:

١ - البلوغ: فلا تعتبر ردَّة الصبي لأنه غير مكلف، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق» (٣).

وهذا مذهب الشافعي وأبي يوسف، وهو رواية عن أبي حنيفة على مقتضى القياس، وقول لأحمد. وقال أبو حنيفة في الرواية الأخرى: يحكم بردَّة الصبي

استحسانًا (!!) وهو مذهب المالكية والمشهور عن أحمد، وهؤلاء قالوا: لا يقتل قبل بلوغه.

وقال الشافعي: لا يقتل حتى بعد بلوغه، قال: «لأن إيمانه لم يكن وهو بالغ، ويؤمر بالإيمان، ويجهد عليه بلا قتل» اهـ (٤).

٢ - العقل: فلا تقع الرِّدة من مجنون، للحديث المتقدم، ولذا اتفق الفقهاء على أنه لا صحة لإسلام المجنون ولا لردَّته، بل أحكام الإسلام تبقى سائرة عليه


(١) «لسان العرب»، و «الخرشي» (٨/ ٦٢)، و «المغني» (٨/ ٥٤٠)، و «الحدود والتعزيرات» (ص: ٤٣٤).
(٢) سورة البقرة: ٢١٧.
(٣) صحيح: تقدم تخريجه كثيرًا.
(٤) «المبسوط» (١٠/ ١٢٢)، و «ابن عابدين» (٤/ ٢٥٧)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٢١، ١١٦)، و «الأم» (٦/ ١٤٩)، و «الإنصاف» (١٠/ ٣٢٠)، و «المغني» (٨/ ٥٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>