للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفَّة، فاجتووا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أبغنا رسلًا، فقال: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأَتوا فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صحوُّا وسمنوا، وقتلوا الراعي واستاقوا الدَّود، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصَّريخُ، فبعث الطلب في آثارهم، فما ترجل النهار حتى أتى بهم، فأمر بمسامير فأحميت فكحلهم وقطع أيديهم وأرجلهم، وما حسمهم، ثم ألقوا في الحرَّة يستسقون، فما سُقُوا حتى ماتوا» (١).

فقطعهم - صلى الله عليه وسلم - حدًّا للمحاربة، وسمل أعينهم قصاصًا وتركهم يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا لأنهم كذلك فعلوا بالرعاء:

فعن أنس - رضي الله عنه -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما سمر أعينهم، لأنهم سمروا أعينُ الرِّعاء» (٢).

أما إذا سرى الجرح إلى النفس فمات المجروح: يتحتم القتل.

وذهب الحنفية إلى أن المحارب- إذا أقيم عليه الحد، فلا يقتص منه للجراحات؛ لأن الجناية فيما دون النفس يسلك بها مسلك الأموال، والأصل عندهم ألا يجمع بين الحدِّ والضمان!!

وهل يضمن المال المأخوذ؟ (٣)

ذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن المحاربين إذا أخذوا مالًا وأقيم عليهم الحدُّ؛ ضمنوا المال مطلقًا، وعند الحنفية يضمنون إن كان المال قائمًا، وإلا فلا.

وعند الشافعية والحنابلة: يجب الضمان على الآخذ فقط، لا على من كان معه ولم يباشر الأخذ.

وقال المالكية: يعتبر كل واحد منهم ضامنًا للمال المأخوذ بفعله أو بفعل صاحبه، فمن قُدر عليه منهم أُخذ بجميع ما أخذ هو وأصحابه، فإن دفع أكثر مما أخذ فإنه يرجع على أصحابه.


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٦٨٠٤)، ومسلم (١٦٧١).
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١٦٧١)، والترمذي (٧٣)، والنسائي (٧/ ١٠٠).
(٣) المراجع السابقة، و «الدسوقي» (٤/ ٣٥٠)، و «أسهل المدارك» (٣/ ١٥٧)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>