للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإسحاق، وهو اختيار شيخ الإسلام: هي يمين بمنزلة قوله: وإلا لأفعلن، لأنه ربط عدم الفعل بكفره الذي هو براءته من الله فيكون قد ربط الفعل بإيمانه بالله، وهذا هو حقيقة الحلف بالله، فربط الفعل بأحكام الله من الإيجاب أو التحريم أدنى حالاً من ربطه بالله، وعلى هذا إذا حنث تجب الكفارة.

ثم يبقى الحكم على الحالف نفسه: فإن كان كاذبًا وكان يقصد بحلفه تبعيد نفسه عن الشيء أو حضها عليه لم يكفر، لكنه داخل تحت الوعيد الشديد، وإن كان قصد بذلك الرِّضا بالكفر إذا فعله فهو كافر في الحال.

وأما إن كان صادقًا (بَرَّ في يمينه) فلا يكون سالمًا لأن فيه نوع استخفاف بالإسلام فيكون بنفس هذا الحلف آثمًا، والله أعلم.

أنواع اليمين القَسَمِيَّة

تقدم أن أيمان المسلمين إما أن تكون قسمية، وإما أن تكون تعليقية (بالشرط والجزاء) والأيمان القسمية تكون على ثلاثة أنواع من جهة انعقادها ووجوب الكفارة بالحنث فيها، وإليك هذه الأنواع مع طرف من الأحكام المتعلقة بكل نوع:

أولاً: اليمين اللغو:

١ - تعريفها: قال الله تعالى {لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (١).

وقد اختلف العلماء في تفسير معنى «اليمين اللغو» على أقوال، أشهرها قولان كلاهما يحتمله معنى «اللغو» (٢).

الأول: اللغو ما جرى على اللسان من غير قصد معنى اليمين، كقولهم «لا والله»، «بلى والله» في نحو صلة كلام أو غضب سواء أكان ذلك في الماضي أم الحال أم في المستقبل، وهو قول الشافعية والحنابلة، ووجهه: قول عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ} قالت: «أنزلت في قوله: لا والله، وبلى والله» (٣).


(١) سورة البقرة: ٢٢٥.
(٢) «البدائع» (٣/ ٤)، و «الصاوي» (١/ ٣٣١)، و «الأم» (٧/ ٨٩)، و «المغنى» (١١/ ١٨٠).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٦٦٦٣)، وعبد الرزاق (١٥٩٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>