للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أضاف لفظ الأمانة إلى لفظ الجلالة فقال: «وأمانة الله» فمن العلماء من اعتبرها يمينًا موجبة للكفارة، لأن أمانة الله صفة من صفاته، فجاز الحلف بها (!!).

وفيه نظر: لعدم الدليل على أن الأمانة صفة من صفات الله، وإنما هي أمر من أوامره، وفرض من فروضه، فنهوا عنه لما في ذلك من التسوية بينها وبين أسماء الله تعالى وصفاته (١)، ثم لثبوت النهي عن الحلف بالأمانة، فالصحيح أنه لا يجوز ذلك مطلقًا وهو قول الحنفية، ونسبه ابن عبد البر وغيره إلى الشافعي (٢).

الحلف بملة غير الإسلام:

إذا أخبر الإنسان عن نفسه أنه إن فعل كذا، أو إن لم يفعل كذا، أو إن حصل كذا، أو إن لم يحصل، فهو يهودي أو نصراني أو كافر ونحو ذلك- فهذا حرام يقع فاعلهُ في الإثم سواء صدق أو كذب، لحديث ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا متعمدًا فهو كما قال، ومن قتل نفسه بحديدة عُذِّب به في نار جهنم» (٣).

وحديث بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف فقال: إني بريء من الإسلام، فإن كان كاذبًا فهو كما قال، وإن كان صادقًا فلن يرجع إلى الإسلام سالمًا» (٤).

ثم اختلف أهل العلم: هل هذه يمين شرعية أم لا؟ (٥) فقال مالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين والليث وأبو ثور وابن المنذر: ليست يمينًا، ويستدل لهم بأنه ليس حلفًا باسم الله ولا بصفته، فلا يكون يمينًا، ولا كفارة فيها.

وقال الحنفية وأحمد -في الرواية الأخرى- والحسن والثوري والأوزاعي


(١) «معالم السنن» للخطابي.
(٢) «البدائع» (٣/ ٦)، و «المغنى» (١١/ ٢٠٧)، و «التمهيد» (١٤/ ٣٧٢).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (١٣٦٣)، ومسلم (١١٠).
(٤) صحيح: أخرجه أبو داود (٣٢٥٨)، والنسائي (٣٧٧٢)، وابن ماجه (٢١٠٠)، وأحمد (٥/ ٣٥٦).
(٥) «البدائع» (٣/ ٨، ٢١)، و «ابن عابدين» (٣/ ٥٥)، و «الشرح الصغير» (١/ ٣٣٠)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ١٦٩)، و «المغنى» (١١/ ١٩٨ - ٢٠١)، و «الإنصاف» (١١/ ٣١)، و «مجموع الفتاوى» (٣٥/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>