للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب الجمهور: الحنفية والشافعية والحنابلة، أما المالكية فحملوا الأمر في هذا الحديث على الندب والاستحباب (١)، وهذا لو صح لهم في قوله (مروهم) لم يصح لهم في قوله (واضربوهم) لأن الضرب إيلام الغير وهو لا يباح للأمر المندوب.

والظاهر أنهم استشكلوا أمر الصبي بالصلاة وضربه عليها وهو غير مكلف؟!!

والجواب: أن ذلك إنما يلزم لو اتحد المحل وهو هنا مختلف، فإن محلَّ الوجوب الولي -وهو مكلف- ومحل عدمه ابن العشر، ولا يلزم من عدم الوجوب على الصغير عدمه على الولي، فيجب على الولي ضربه عليها (٢)، لكن الصبي لا يأثم بترك الصلاة والله أعلم.

تنبيه: جعل بعض الفقهاء الإسلام شرطًا لإيجاب الصلاة على المرء، قالوا: فلا تجب على الكافر الأصلي، قالوا: فلهذا لا يؤمر الكافر إذا أسلم بقضائها. وعدم إيجابها على الكافر مخالف لما صحَّ في الأصول أن الكفَّار مخاطبون بفروع الشريعة، فهي واجبة عليهم وهم معاقبون على تركها في الآخرة (٣).

على أن الشافعية والحنابلة (٤) قد صرَّحوا بأن الصلاة لا تجب على الكافر الأصلي وجوب مطالبة بها في الدنيا لعدم صحتها منه، لكن يعاقب على تركها في الآخرة زيادة على كفره، لتمكنه من فعلها بالإسلام.

فعلى هذا يكون الخلاف معهم لفظيًّا، فالصلاة واجبة على الكافر لكنها لا تصح منه، فكان الإسلام شرط صحة لا شرط وجوب، والله أعلم.

قلت: وأما كون الكافر لا يؤمر بقضائها إذا أسلم فللنص -وسيأتي- ولأنه لم يعتقد وجوبها ولأنه تعمد إخراج الصلاة عن وقتها -وقد وجبت عليه- بغير عذر فلا يقدر على قضائها كما سيأتي تحقيق هذا.

[عدد الفرائض]

الصلوات المفروضة في اليوم والليلة خمس، وهي: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر (٥).


(١) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٢٣٤)، و «الدسوقي» (١/ ١٨٦)، و «مغنى المحتاج» (١/ ١٣١)، و «كشاف القناع» (١/ ٢٢٥).
(٢) «نيل الأوطار» (١/ ٣٦٩ - ٣٧٠) بتصرف وانظر «السيل الجرار» (١/ ١٥٦).
(٣) «السيل الجرار» (١/ ١٥٥).
(٤) «مغنى المحتاج» (١/ ١٣٠)، و «كشاف القناع» (١/ ٢٢٢).
(٥) هذا عند الجمهور، وقال أبو حنيفة وأصحابه: الوتر واجب مع الخمس، وسيأتي تحريره.

<<  <  ج: ص:  >  >>