للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من أولى الناس بغسل الميت؟]

يستحب أن يقوم أولى الناس من أهل الميت بتغسيله -إذا توفَّر فيه الصلاة والخبرة بالغسل- «لأن الذي غسَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم هم عليٌّ وأهل قرابته» (١).

وعن سالم بن عبيد الأشجعي أنه لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لأبي بكر: يا صاحب رسول الله، من يُغسِّله؟ قال: «رجال أهل بيته الأدنى فالأدنى» قالوا: فأين ندفنه؟ قال: «ادفنوه في البقعة التي قبضه الله فيها، لم يقبضه إلا في أحب البقاع إليه» (٢).

ويجوز أن يتولى الغُسل غير قرابته -لا سيما إن كانوا أعلم بشئونه- فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر أقارب ابنته زينب بتغسيلها، بل غسَّلتها أم عطية وغيرها كما سيأتي الحديث.

يجوز للزوج تغسيل زوجته (٣):

لحديث عائشة قالت: «رجع إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع، وأنا أجد صداعًا في رأسي، وأنا أقول: وارأساه، قال: «ما ضرَّك لو متِّ قبلي فغسَّلتك وكفَّنتك، ثم صليت عليك ودفنتك» قلت: لكني -أو: لكأني- بك والله لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك، قالت: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بدئ بوجعه الذي مات فيه» (٤).

ولأن الله تعالى سمى المرأة بعد موتها زوجة فقال سبحانه: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} (٥) فلما لم يكن مانع من تغسيلها في حياتها، كان ذلك باقيًا على التحليل بعد موتها من غير فرق إلا بنص، ولا سبيل إليه.

وقد ذهب الثوري وأبو حنيفة إلى أن الرجل لا يغسل امرأته لأنه لو شاء تزوج أختها حين ماتت! وفيما تقدم حجة عليهما.


(١) صحيح: أخرج معناه ابن ماجه (١٤٦٧)، والحاكم (١/ ٣٦٢)، والبيهقي (٣/ ٣٨٨).
(٢) أخرجه البيهقي (٣/ ٣٩٥) وفي سنده سوادة بن سلمة بن بنيط، قال شيخنا: لم أقف على ترجمته. اهـ.
(٣) «المحلى» (٥/ ١٧٤)، و «المجموع» (٥/ ١٣٢)، و «الأم» (٢٤٢).
(٤) صحيح لغيره: أخرجه أحمد (٦/ ٢٢٨)، وابن ماجه (١٤٦٥)، والدارمي (١/ ٣٧) وغيرهم.
(٥) سورة النساء، الآية: ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>