للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث «كان -عليه الصلاة والسلام- يتعاهده بالزيارة ماشيًا وراكبًا، ويأتيه يوم السبت فيصلي فيه ركعتين» (١). وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه، كان له كأجر عمرة» (٢).

البقيع وأُحد:

البقيع مقبرة المسلمين بالمدينة، وفيه دفن خلق كثير من الصحابة، وما زال يدفن فيه المسلمون إلى أيام الناس هذه، وكثيرٌ هم أولئك الذين يأتون المدينة طمعًا في الموت بها ليدفنوا في البقيع.

و «أُحد جبل يحبنا ونحبه» (٣)، وفي حضنه دفن بضعة وسبعون شهيدًا، من شهداء الغزوة التي دارت رحاها في أحضانه، ونسبت إليه فسميت غزوة أحد.

فإذا أراد أحد قدم المدينة أن يزور البقيع أو شهداء أُحد فلا مانع، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور ثم أذن بها، لتذكر الآخرة والاتعاظ بمصائر من فيها. ولكن يجب الحذر من التبرك بالقبور، والاستغاثة بأهلها، والاستشفاع بهم لدى الأحياء، والتوسل بهم إلى رب العباد.

ولا يشرع لمن يأتي أُحدًا أن يقصد ما يقال بأنه مصلى النبي صلى الله عليه وسلم في سفح الجبل ليصلي فيه، أو أن يصعد أُحدًا تبركًا، أو يصعد جبل الرماة تتبعًا لآثار الصحابة، فذلك وغيره مما يكون من غير السلام والدعاء للشهداء ليس مشروعًا ولا مستحبًا شَرْعًا، بل هو من الأمور المحدثة المنهي عنها، وفي ذلك يقول عمر رضي الله عنه: «إنما هلك من كان قبلكم بتتبعهم آثار أنبيائهم». فليكن لنا في كلام عمر رضي الله عنه مقنع ومقطع.

[المزارات]

هناك أماكن أخرى في المدينة المنورة تعرف بالمزارات، كالمساجد السبعة القريبة من موقع غزوة الخندق، ومسجد القبلتين، وبعض الآبار، ومسجد الغمامة، والمساجد التي تنسب لأبي بكر، وعمر، وعائشة، رضي الله عنهم جميعًا، فكل هذه الأماكن لا يشرع تخصيصها بالزيارة، ولا يحسبن الزائر لها أنه بزيارتها يحصل على زيادة ثواب، فإن تتبع آثار الأنبياء والصالحين كانت سببًا في هلاك الأمم من قبلنا، ولا


(١) صحيح: أخرجه البخاري (١١٩٣)، ومسلم (١٣٩٩).
(٢) صححه الألباني: أخرجه ابن ماجه (١٤١٢).
(٣) متفق عليه. أخرجه البخاري (٤٠٨٣)، ومسلم (١٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>