للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجيب بأن هذا إنما يكون دليلاً لو كان سجود السهو مختصًّا بترك ما ليس بواجب وذلك ممنوع (١).

بل إن سجود السهو لا يشرع إلا لترك واجب، «لأن الأصل منع الزيادة في الصلاة، وسجود السهو قبل السلام زيادة في الصلاة، ولا ينتهك هذا المنع إلا لفعل واجب، فإذا وجب سجود السهو لتركه دلَّ ذلك على وجوبه، وإلا لكان وجوده وعدمه سواء» (٢).

الإسرار بالتشهد: أجمع العلماء على الإسرار بالتشهدين وكراهة الجهر بهما، لأنه لم ينقل الجهر بهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس توارثت الإخفاء بالتشهد من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، والتوارث كالتواتر (٣).

[سنن الصلاة]

سنن الصلاة: هي أقوال وأفعال يُستحب الإتيان بها في الصلاة، يُثاب فاعلها، ولا تبطل الصلاة بتركها ولو عمدًا، ولا يُشرع بتركها سجود السهو.

وليعلم أن في هذا الباب أمور مجمعًا عليها لا مندوحة عن الإتيان بها، وأمورًا أخرى اختلف العلماء فيها، فكان الأنسب في هذا المقام أن أثبت ما صح دليل مشروعيته دون غيره دون التعريج على أوجه الاختلاف فيه، خشية الإطالة، ولأن المقصود معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته للاقتداء به، ولا يضر بعذ ذلك مخالفة من خالف كائنًا من كان.

وقد قسمت هذه السنن إلى قولية وفعلية:

السنن القولية:

١ - القراءة بعد الفاتحة:

فَتُسَنُّ قراءة سورة في الركعتين الأوليين بعد الفاتحة بإجماع العلماء، وكذلك تسن قراءتها -أحيانًا- في الثالثة والرابعة:

فعن أبي قتادة قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، ويسمعنا الآية أحيانًا، ويقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب» (٤).


(١) «السيل الجرار» (١/ ٢٢٩).
(٢) «الشرح الممتع» (٣/ ٤٤٣ - ٤٤٤).
(٣) «المبسوط» (١/ ٣٢)، وانظر «الأوسط» (٣/ ٢٠٧)، و «المجموع» (٣/ ٤٤٤).
(٤) أخرجه مسلم (٤٢١)، ونحوه وفي البخاري (٧٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>