للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا لم يحصل تعاون بأن استقل كل واحد بإخراج بعض المسروق، فلا يقام الحد إلا على من أخرج نصابًا كاملًا.

قلت: الأظهر أنهم إن اشتركوا في سرقة نصاب واحد قُطعوا سواء أخرجوه جملة، أو أخرج كل واحد جزءًا، وهو اختيار شيخ الإسلام، فالحاجة إلى الزجر عن سرقة المال موجودة فوجب القطع، والله أعلم.

[عقوبات السارق]

(أ) العقوبة الحدِّيَّة:

اتفق أهل العلم على أن حدَّ السارق قطع يده، لقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم} (١).

وهو الحدُّ الذي أقامه النبي - صلى الله عليه وسلم - على من سرق في عهده كما تواترت الأخبار بذلك، وجرى عليه عمل الخلفاء الراشدين دون اعتراض عليهم، وأجمعت عليه الأمة (٢).

لكنهم اختلفوا في أمور تتعلق بمحل القطع ومقداره، وكيفيته، وتكرره مع تكرار السرقة، ونحو ذلك، وإليك بيان أهم هذه الأمور:

١ - محل القطع (٣):

إذا ثبتت السرقة الأولى، فقد اتفق الفقهاء - إلا ابن حزم - على وجوب قطع اليد اليمنى، قالوا: لما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قطع اليد اليمنى (٤) وكذلك فعل الأئمة من بعده، ولقراءة عبد الله بن مسعود: «فاقطعوا أيمانهما» وهي قراءة مشهورة عنه، ولم يجمع على أنها قرآن لمخالفتها للمصحف الإمام، فكانت خبرًا مشهورًا، فيقيد إطلاق النص .. ولو كان الإطلاق مرادًا

والامتثال للأمر في الآية


(١) سورة المائدة: ٣٨.
(٢) «مراتب الإجماع» (١٣٥)، و «المغني» (١٠/ ٢٣٩)، و «فتح الباري» (١٢/ ٩٧)، و «فتح القدير» (٥/ ١٥٣)، و «الإفصاح» (٢/ ٤١٤)، و «طرح التثريب» (٨/ ٢٣).
(٣) «البدائع» (٧/ ٨٦) و «الدسوقي» (٤/ ٣٣٢)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٧٧)، و «كشاف القناع» (٦/ ١١٨)، و «المغني» (١٠/ ٢٦٤)، و «تفسير القرطبي» (٦/ ١٦٠)، و «الطبري» (٦/ ٢٢٨)، و «المحلي» (١١/ ٣٥٨).
(٤) إسناده ضعيف: أخرجه البغوي وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» وسنده ضعيف كما في «التلخيص» (٤/ ٦٧)، وانظر «الإرواء» (٨/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>