للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خارج الحرز، ثم لم يتمكن هو من الحرز، أو خرج فلم يجد المال الذي رماه، فلا يقام عليه الحد عندهم، بل يعزَّر.

وأما الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، فقد اتفقوا على أن إخراج المسروق من حرزه ومن حيازة المسروق منه يستتبع حتمًا إدخاله في حيازة السارق إدخالًا فعليًّا أو حكميَّا - كما في المثال السابق - وبالتالي يجب عليه القطع.

قلت: وهو الأرجح والله أعلم.

فائدة: إذا لم تتم السرقة، فلا يقام الحد عند جمهور الفقهاء، لكنهم يوجبون التعزير على من يبدأ في الأفعال التي تكوِّن بمجموعها جريمة السرقة، ليس باعتباره شارعًا في السرقة، ولكن باعتباره مرتكبًا لمعصية تستوجب التعزير (١).

الاشتراك في السرقة:

إذا اشترك جماعة في سرقة مال من حرز (٢):

١ - فإن كانت قيمة المسروق لو قسمت عليهم بلغ نصيب كلٍّ منهم النصاب: فإنه يقام الحدُّ علميهم جميعًا بلا خلاف بين الفقهاء، واشترط الشافعية أن يشتركوا جميعًا في إخراجه من الحرز، وإلا فإنه لا يُحدُّ عندهم إلا من اشترك في إخراج المسروق.

٢ - وإذا بلغت قيمة المسروق نصابًا لكن لا تكفي ليصيب كل واحد نصابًا فاختلف العلماء في قطعهم:

فقال الحنفية والشافعية: لا قطع على أحد منهم، وإنما يعزَّرون.

وقال المالكية والحنابلة: يُقطع الجميع، سواء كان الاشتراك في الإخراج أو كان بإخراج البعض وإعانة البعض الآخر، وسواء حدثت الإعانة بفعل مادي (كالإعانة على حمل المسروق) أو بفعل معنوي (كالإرشاد إلى مكان المسروق) أو لم يأت بعمل ما (كمن دخل الحرز مع السارق لتنبيهه إذا انكشف أمره) لأن فعل السرقة يضاف إلى كل واحد منهم.


(١) «المبسوط» (٩/ ١٤٧)، و «الدسوقي» (٤/ ٣٠٦)، و «الأحكام السلطانية» للماوردي (ص ٢٣٧).
(٢) «البدائع» (٧/ ٦٥ - ٦٦)، و «فتح القدير» (٤/ ٢٢٥)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٣١٠)، و «المدونة» (١٦/ ٦٨)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٦٠)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٤٢١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٧٩)، و «المغني» (٣/ ٢٩٥)، و «روضة الطالبين» (٥/ ١٣٤)، و «مجموع الفتاوى» (١٤/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>