للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا لا يعتبر الفقهاء الخائن (١) ولا المختلس (٢) ولا المنتهب (٣) سارقًا،

فلا يوجبون عليه القطع، وإن وجب التعزير، ويحتجون بحديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس على خائن، ولا منتهب، ولا مختلس قطع» (٤).

وقد تقدم - في الشبهات حول قطع السارق - وجه الحكمة في قطع السارق دون الغاصب والمنتهب والمختلس.

٣ - إخراج المسروق من الحرز (٥):

اتفق جمهور الفقهاء على وجوب إخراج المسروق من الحرز لكي يقام حدُّ السرقة، فإن كانت السرقة من حرز بالحافظ، فيكفي مجرد الأخذ، حيث لا اعتبار للمكان في الحرز بالحافظ.

وإن كانت السرقة من حرز بنفسه فلابد من إخراج المسروق من المكان المعد لحفظه، فإذا ضبط السارق داخل الحرز قبل أن يخرج بما سرقه، فلا يقطع، بل

يعزَّر، وفي هذا آثار عن عمر بن الخطاب وعثمان وعليٌّ وزيد بن ثابت وعمر بن عبد العزيز، ذكرها ابن حزم في «المحلي» (١١/ ٣٢٠) وفي أسانيدها مقال، وذكر خلافه عن عائشة وابن الزبير وغيرهما.

ويشترط الحنفية لإقامة الحد أن يخرج السارق بالمال من الحرز، فلو رمي بالمال


(١) الخائن: هو الذي يؤتمن على المال بطريق العارية أو الوديعة فيأخذه ويدعى ضياعه أو ينكر أنه كان عنده وديعة أو عارية، والفرق بينه وبين السارق يرجع إلى قصور في الحرز.
(٢) المختلس: هو الذي يأخذ المال جهرة معتمدًا على السرعة في الهرب، فالفرق بين السرقة والاختلاس أن السرقة تعتمد على الخفية، والاختلاس على المجاهرة.
(٣) المنتهب: هو الذي يأخذ المال قهرًا، ولا يكون نهبًا حتى تنتهبه جماعة، فيأخذ كل واحد شيئًا وهي النهبة، فيظهر أن الفرق بين النهب والسرقة يعود إلى شبه الخفية، وهو لا يتوافر في النهب.
(٤) صحيح: أخرجه الترمذي (١٤٤٨)، وأبو داود (٤٣٩٣)، والنسائي (٨/ ٨٨)، وابن ماجة (٢٥٩١)، وأحمد (٣/ ٣٨٠)، وعبد الرزاق (١٨٨٤٥، ١٨٨٥٩)، والطحاوي (٣/ ١٧١)، والبيهقي (٣/ ٢٧٩) من طريق عن أبي الزبير عن جابر، وأبو الزبير مدلس لكنه صرَّح بسماعه من جابر في رواية عبد الرزاق، فزالت الشبهة، ثم له شواهد. انظر «الإرواء» (٢٤٠٣).
(٥) «البدائع» (٧/ ٦٥)، و «الخرشي» (٨/ ٩٧)، و «القليوبي» (٤/ ١٩٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٦٧)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٣٠٨)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٤٣٧)، و «المغني» (١٠/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>