للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وقد صرف المالكية أمره صلى الله عليه وسلم بطواف الوداع بالترخيص للحائض في تركه دون فداء؟! وهذا ليس بشيء، فليس في سقوطه عن المعذور ما يجوِّز سقوطه لغيره، كالصلاة تسقط عن الحائض وتجب على غيرها، بل تخصيص الحائض بإسقاطه عنها دليل على وجوبه على غيرها، والله أعلم.

تنبيه: إن طهرت المرأة قبل أن تسافر فعليها الطواف للوداع: إذا لم تكن قد خرجت من بيوت مكة، فإن طهرت وهي لا تزال في بيوت مكة لزمها أن تطوف طواف الوداع (١).

المكِّيُّ لا وداع عليه:

لا يجب طواف الوداع إلا على الحاج من أهل الآفاق، فأما المكي فلا وداع عليه عند الحنفية والحنابلة -وألحق الحنفية بالمكي من كان منزله داخل المواقيت- لأن الطواف وجب توديعًا للبيت، وهذا المعنى لا يوجد في أهل مكة لأنهم في وطنهم.

وعند المالكية والشافعية يُطلب طواف الوداع في حق كل من قصد السفر من مكة، ولو كان مكيًّا إذا قصد سفرًا تقصر فيه الصلاة، لعموم الأمر بأن يكون آخر العهد بالبيت (٢).

[أحكام في الطواف عامة]

شروط الطواف:

١ - هل تشترط الطهارة للطواف؟

ذهب جمهور العلماء -خلافًا للحنفية ورواية عن أحمد وابن حزم- إلى أن الطهارة من الأحداث والأنجاس شرط لصحة الطواف، فإذا طاف فاقدًا أحدهما فطوافه باطل لا يعتد به.

وحجتهم في هذا حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام ...» (٣) وهو مختلف في رفعه والصواب وقفه.


(١) «الأم» للشافعي (٢/ ١٥٤).
(٢) «الموسوعة الفقهية» (١٧/ ٥٨).
(٣) أخرجه الترمذي (٩٦٠)، والنسائي (٢٩٢٢)، والحاكم (١/ ٦٣٠) وغيرهم، ولا يصح مرفوعًا، والصواب وقفه كما بينه شيخنا -حفظه الله- في «جامع أحكام النساء» (٢/ ٥١٥ - ٥٢١) خلافًا للعلامة الألباني -رحمه الله- حيث صحح رفعه في «الإرواء» (١/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>