للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٨ - أن يقال: تطوف بالبيت -وهي حائض- للضرورة، وهذا هو الموافق لروح الشريعة السمحة، ولرفع الحرج عن الأمة.

وأمَّا ما ورد في كلام الأئمة وفتاويهم في اشتراط طهارة المرأة من الحدث الأكبر في طوافها -إنما هو في حال القدرة والسعة، لا في حال الضرورة والعجز، فالإفتاء بهذا لا ينافي الشرع ولا قول الأئمة.

وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- (١) الذي قال في خاتمة بحثه:

«هذا هو الذي توجَّه عندي في هذه المسألة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولولا ضرورة الناس واحتياجهم إليها عملاً وعلمًا لما تجشَّمت الكلام، حيث لم أجد فيها كلامًا لغيري، فإن الاجتهاد عند الضرورة مما أمرنا الله به ...». اهـ.

قلت: إن استطاعت المرأة أن تتناول دواءً يمنع الحيضة وقت الحج، فلها أن تفعل -إن لم يكن يضرُّها- خروجًا من الخلاف، والله تعالى أعلم.

٣ - طواف الوداع: ويسمى طواف الصَّدر، وطواف آخر العهد، وهو واجب من واجبات الحج عند جمهور العلماء -خلافًا للمالكية فهو عندهم سنة- لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» (٢).

وفي لفظ: «كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت» (٣).

وهو دليل على وجوب طواف الوداع، وعلى أن المرأة إذا حاضت بعد ما طافت طواف الإفاضة فإنها لا يلزمها البقاء حتى تطهر وتطوف للوداع، لكن يرخَّص لها في ترك طواف الوداع والسفر إلى بلدها، ولا يلزمها دم بذلك، ويدلُّ على ذلك ما تقدم قريبا أن صفية لما حاضت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أحابستنا هي؟» قالوا: إنها قد أفاضت، قال: «فلتنفر إذن» (٤).


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١٧٦ - ٢٤١) ورجحه شيخنا في «جامع أحكام النساء» (٢/ ٥٧٢) وما بعدها.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (١٧٥٥)، ومسلم (١٣٢٧).
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (١٣٢٧).
(٤) «الأم» للشافعي (٢/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>