للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السفن ففيه قولان هما روايتان عن أحمد: أحدهما: المنع كقول أبي حنيفة، والثاني: الجواز كقول مالك والشافعي (١)، وهو الأظهر لأنه لا نص ولا إجماع في منع ذلك، وقد قال الحسن: «لا بأس أن تصلي وبينك وبينه نهر» (٢).

لكن ينبغي أن يكون على وجه يمكن المؤتم العلم بأفعال الإمام كسماع التكبير أو رؤية الصف المتقدم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى في أصحابه تأخرًا: «تقدموا فائتموا بي، وليأتمَّ بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله» (٣).

ولذا قال أبو مجلز: «يأتم بالإمام، وإن كان بينهما طريق أو جدار إذا سمع تكبير الإمام» (٤).

قلت: وليس يخفى أن محلِّ هذا كله الحاجة كامتلاء المسجد والرحاب المتصلة، وإلا فالأصل اتصال الصفوف وتقاربها، والله أعلم.

تنبيه: لا تصح الصلاة اقتداءً بإمام تُنفل صلاته بالمذياع «الراديو».

[الصفوف وأحكامها]

خيرُ صفوف الرجال والنساء:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أوَّلُها، وشرُّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» (٥).

قلت: وكون خير صفوف النساء آخرها إنما محلُّه إذا كُنَّ يصلين خلف صفوف الرجال، فإن كُنَّ يصلين خلف امرأة، أو مع الإمام في مكان منفصل عن الرجال، فالظاهر أن خير صفوفهن الأُوَل، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته يصلوُّن على الصفوف الأُوَل» (٦) والله أعلم.


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٣/ ٤٠٧)، و «المغنى».
(٢) أخرجه البخاري تعليقًا (٢/ ٢٥٠ - فتح)، ووصله عبد الرزاق (٥٤٥٣)، وابن أبي شيبة (٢/ ١٤٩).
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٤٣٨)، وأبو داود (٤٨٠)، والنسائي (٢/ ٨٣)، وابن ماجه (٩٧٨).
(٤) إسناده صحيح: علقه البخاري (٢/ ٢٥٠ - فتح)، ووصله ابن أبي شيبة (٢/ ٢٢٣) بسند صحيح.
(٥) صحيح: أخرجه مسلم (٤٤٠)، وأبو داود (٦٧٨)، والترمذي (٢٢٤)، والنسائي (٢/ ٩٣)، وابن ماجه (١٠٠٠).
(٦) صحيح: أخرجه أبو داود (٦٦٤)، والنسائي (٢/ ٩٠)، وابن ماجه (٩٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>