للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجيب عن ذلك بجوابين:

الأول: أن هذه الأقسام فيها إضمار القسم برب هذه المخلوقات، كأنه قال: (ورب السماء)، (ورب الشمس) وهكذا.

الثاني: إنما أقسم الله بمخلوقاته دلالة على قدرته وعظمته، والله تعالى يقسم بما شاء من خلقه، ولا وجه للقياس على أقسامه.

قلت: فعُلم أنه لا متعلق للقائلين بعدم تحريم الحلف بغير الله بشيء مما استدلوا به.

من حلف بغير الله، ماذا يفعل؟

عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف فقال في حلفه: واللات والعُزَّى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعالى أقامرك فليتصدق» (١).

وسعد بن أبي وقاص قال: حلفتُ بالات والعُزَّى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قل: لا إله إلا الله، ثم انفث عن يسارك ثلاثًا، وتعوَّذ، ولا تَعُدْ» (٢).

وهل هذا مختصُّ بمن قال: واللات والعُزَّى؟ أم يلحق به كل من حلف بغير الله؟ الأظهر الثاني، ولذا قال شيخ الإسلام (٣): «... الحلف بالمخلوقات كالحلف بالكعبة والملوك والآباء والسيف وغير ذلك ... فهذه الأيمان لا حرمة لها، بل هي غير منعقدة ولا كفارة على من حنث فيها باتفاق المسلمين، بل من حلف بها فينبغي أن يوحِّد الله تعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ...» ثم ذكر حديث أبي هريرة المتقدم.

الحلف بالأمانة:

لا يجوز الحلف بالأمانة، لحديث بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف بالأمانة، فليس منا» (٤) أي: ممن اقتدى بطريقتنا، وقيل: أي من ذوي أسوتنا، بل هو من المتشبهين بغيرنا، فإنه من ديدن أهل الكتاب، ولعله أراد به الوعيد عليه (٥).


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٦٦٥٠)، ومسلم (١٦٤٧).
(٢) صحيح: أخرجه ابن ماجه (٢٠٩٧)، وأحمد (١/ ١٨٣) وغيرهما وهو عند النسائي (٧/ ٧) بزيادة «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ثلاث مرات ...» الحديث. وهي ضعيفة كما في «الإرواء» (٨/ ١٩٢).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ١٢٢).
(٤) صحيح: أخرجه أبو داود (٣٢٥٣)، وابن حبان (١٣١٨)، والبيهقي (١٠/ ٣٠).
(٥) «عون المعبود» (٩/ ٧٩، ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>